محجوب مدني محجوب يكتب: النشطاء الجدد… من أين أتى هؤلاء؟

ظهر في الميديا هذه الأيام، وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعي نشطاء جدد كان يغطون في نوم، وسُبات عميق، ولا يكادون يعلقون تعليقا واحدا على الوضع السياسي في السودان سواء في جلساتهم الخاصة أو حتى بينهم، وبين أنفسهم.

أحيانا يفهم هذا السكون في ثوب نفسي، فهم لا يريدون أن يزعجوا أنفسهم بقضايا لن يسألهم الله عنها، فلماذا يوجعون رؤسهم، وأحيانا يفهم في ثوب شخصي بمعنى أن لكل شخص اهتمام، وغايات، وهذا المجال السياسي ليس من اهتماماتهم، ولا من غاياتهم، وأحيانا يضمرون هذا السكوت عن التفاعل مع الشأن السياسي في ثوب ديني إذ يقولون، ويرددون أن الذين يهتمون بالشأن السياسي يشغلون أنفسهم بأمور تلهيهم عن أمور دينهم، وأن الله لم يأمرهم بها، وأن على المرء أن يقوم بواجباته ويدع الخلق، وشؤونهم للخالق.

هذا غير أنهم يبرزون قناعات بما أن ما هو قائم، وموجود أفضل وأبرك؛ لأن التغيير لا يأتي إلا بالشر.

هذا السكوت، لم يتحرك، ولم يتغير ، ولم تهزه ثورة جابت مشارق أرض السودان، ومغاربه.

هذا البرود لم يحركه مرور ثلاثة رؤساء في ثلاثة أيام جراء حراك شعبي ملأ الشارع بثورته تارة، وأخرى بجعله فارغا تماما باعتصامه. كل هذا، وهؤلاء النشطاء الجدد كانوا أثناء تلك الأحداث المفصلية في تاريخ السودان إبان الثورة كانوا يتبادلون معلومات عن كيفية سلق البطاطس أيهما أفضل على ماء بارد أم على ماء ساخن؟

وفجأة وبعد سقوط النظام، وبعد ظهور الحكومة الانتقالية انتقل هؤلاء النشطاء من حالة سكونهم إلى حالة حراك، ونشاط يزداد يوما بعد يوم، واختفت كل الثياب التي كانوا يرتدونها (النفسية، والشخصية، والدينية)، وصاروا يتناولون الشأن السياسي، ويتحدثون عن مآلات الوضع السياسي، وعن رئيس الوزراء، وعن وزيرة خارجيته، وعن والية نهر النيل، وكأن شخصياتهم تبدلت ولم تكن تلك الشخصيات التي لم يحركها ما يحرك الجبال ابان النظام السابق.

لا علينا من هذا التبديل، وهذا التحول، فكل شخص حر في سكونه، وفي حركته، وكل شخص له الحق في تحديد متى يرضى، وتفتح شهيته للمائدة السياسية التي أمامه، ومتى يعرض عنها، ويرفضها .

ليست هذه هي القضية.

وإنما القضية في هذا الموقف الذي تحول بقدرة قادر من ثبات إلى حراك هي هل يكفي تعرية الحكومة الانتقالية، وهجومها لحل القضايا السياسية؟

أو يكفي لتوضيح مذهب، واتجاه معين؟

هل يجدي أن تصبحوا كل يوم لا هم لكم سوى البحث عن كل بوست أو مقال يسيء لهذه الحكومة وتنتشون به فرحا بأنكم وجدتم به ما يرضي طموحكم وغايتكم؟

مارسوا السياسة أيها النشطاء الجدد، فهذا حقكم، ولا أحد يستطيع أن يمنعكم من هذا الحق، فهذا الحق هو اول مكتسبات الثورة. وصمتكم المطبق سابقا لا يسحب منكم هذا الحق.

فقط انتبهوا إلى أن النشاط السياسي ليس رجما بالحجارة كما تبدو أنشطتكم، وإنما هو إبداء لرؤى، وطرح لأفكار، واتجاهات، وبدائل.

وبعد ذلك يمكننا أن نقول لكم هنيئا بنشاطكم الجديد؛ فالجديد شديد.

صحيفة الانتباهة

Exit mobile version