(1 )
الأسبوع المنصرم، كان أسبوع مشروع الجزيرة دون منازع، فقد سلطت عليه أضواء لم يشهدها منذ سنين عددا .في ضحوة يوم السبت وبقاعة الصداقة بالخرطوم كانت النفرة التي دعا لها السيد عمر مرزوق محافظ مشروع الجزيرة طالبا من المؤسسات والأفراد التبرع من أجل سد بعض النواقص التي يعاني منها المشروع بصورة حادة وتقدر بمليارات الجنيهات السودانية (بالجديد) – ياربي الجديد دا يقدم متين؟- ما علينا، وشرف اللقاء الدكتور عبد الله حمدوك رئيس الوزراء وكالعادة في مثل هذه اللقاءات صدع مايكرفون القاعة بالمليارات من التبرعات والواضح ان معظمها بالقديم .بالطبع لن يجزم أحد بمصير هذه التبرعات المبذومة هل سيوفي أصحابها بها ام ستكون مجرد طق حنك (يشيلو الريح ويتفرق) كما غنى مصطفى سيداحمد، ولكن دعونا نذكر معلنيها بان (الراجل بيربطو من لسانه)، فالمتبرعون ليس بينهم امرأة لكن قول لي المؤسسات دي يربطوها من وين ؟
(2 )
في صباح يوم الأحد توجه كل من كان بالقاعة , ناس النفرة وحمدوك والتلفزيون والصحافة ومحبي الملمات الى شمال الجزيرة فكانت قرية وإن شئت قل مدينة التكينة ملتقى للقادمين من مدني ومن الخرطوم، وفي تقديري ان اختيار التكينة كان موفقا جدا حيث يلتقي المشروع بشارع مدني / الخرطوم بالنيل الأزرق وبالمناسبة مزارعو التكينة ظلوا حريصين على زراعة القطن في أحلك الظروف وهم الآن مع القطن المحور والشراكة التعاقدية مع معاوية البرير، قد حققوا إنتاجا قياسيا في القطن، فقبضوا المليارات (بالقديم)، وبالفعل توقف رئيس الوزراء لدى حقول القطن وملأ يديه بالذهب الأبيض . ومن التكينة توجه الركب بربطة المعلم الى مدينة المعيلق وإن شئت قل قرية المعيلق (أهلنا في المعيلق مصرين على مدينة)، وهو اختيار موفق هو الآخر فالمعيلق تتوسط القسم الشمالي وتوجد فيها كل مزروعات العروة الصيفية من قطن وفول سوداني وذرة وعباد شمس وفول صويا وسمسم، وشتوية من قمح وعدسية وكبكبى وفاصوليا وفول مصري وكسبرة وكركدي، فالذي يريد أن يرى عظمة مشروع الجزيرة وما يجود به من نعم، عليه يكمل دائرة حول المعيلق وينظر للجهة المقابلة . كان مخططا ان يكون لقاء حمدوك في المعيلق نوعيا مع مجموعة منتقاة في قاعة من قاعات الجامعة الإسلامية فرع المعيلق، ولكن الجماهير فرضت كلمتها وجعلته مفتوحا ليصبح مخاطبة عوضا عن مناقشة.
(3 )
القاسم المشترك في اللقاءين (القاعة والمعيلق) السيد حمدوك ومحافظ المشروع مع بضع متحدثين آخرين هنا وهناك والشاهد ان في كل الأحاديث التي قيلت انها اتفقت على مشروع الجزيرة هو قائد ركب الزراعة في البلاد، والزراعة هي القاطرة التي ستقود الاقتصاد السوداني لبر الأمان، ولكن المفارقة في أن كل الخطب التي قيلت جاء فيها ما يصف المشروع بانه تعرض لدمار ممنهج ومات وشبع موتا، وفي نفس الوقت فيها ما يوضح أن المشروع في أمان الله وأن حقوله مزدهرة قمحا ووعدا وتمني . فيا جماعة رسونا على بر، هل هذا المشروع حي يرجى أم أتى دونه الأجل ؟ هذه الجزئية سنفرد لها حلقة في هذه السلسلة إن شاء الله، لكن كمزاوجة عجلى بين المناحة والبشارة، يمكن القول ان عظم المشروع بخير فعلينا أن نلم اللحم . أكثر ما أسعدني وأطربني هو رفض السيد حمدوك لحكاية سنعيده سيرته الأولى . غدا إن شاء الله نحفر شوية في الحتة دي.
عيد اللطيف البوني – صحيفة السوداني