أبدت مجموعة من النسوة اللائي يعملن في مهنة بيع الشاي مخاوفهن من عودة كشات المحليات، وقالت متحدثة نيابة عنهن ان دفار المحلية المعروف طاف عليهن الاسبوع الماضي، وترجل منه اشخاص يرتدون الزي المدني وانذروهن بعدم مزاولة هذا العمل، والا ستشن عليهم المحلية حملات مصادرة ضدهن، وتوقعن بعد هذا الانذار الشفاهي ان تنفذ المحلية حملاتها تحت أي لحظة، وانهن الآن يعشن لحظات قلق وترقب قاتلة..واذا صح ان المحلية ترتب بالفعل لتنفيذ هذه الكشات دون ان يسبق ذلك الوصول لحل مقبول يوفر لهؤلاء البائعات فرص عمل بديلة، فان ذلك يعني العودة لتطبيق نهج النظام البائد في التعامل مع قضيتهن حذوك النعل بالنعل، حيث لم يكن يطلع صباح إلا وتشاهد كشة كاسحة على ستات الشاي المسكينات، اللائي ظللن يكابدن عسف الكشات على مدار اليوم والساعة، جراء الهجمات البربرية التي تشنها عليهن بلا رحمة أو هوادة سلطات المحليات عبر حملاتها الانكشارية، وسيكون من العار ومن غير المبرر في عهد الثورة أن تعيد الولاية سيرة غلظة وقساوة النظام البائد فى تعامله الفظ مع هذه الشريحة المستضعفة من النساء..
مما لا يغالط فيه الا مكابر قد قلبه من الصخر، أن لهؤلاء النسوة البائعات قضية عادلة لابد أن تجد لها السلطات معادلة حل عادلة ومرضية، والعمل على حل مشاكلهن بصورة تحفظ لهن سبل العيش الكريم بسهولة ويسر، لأن هؤلاء الشريفات الماجدات لم يخترن بمحض ارادتهن هذا العمل الشاق المرهق، وانما دفعتهن اليه ظروف وأقدار وأسباب شتى لا يد لهن فيها، من هذه الظروف تدهور الاحوال بالريف مما أدي للنزوح الي العاصمة والاضطرابات الامنية ببعض المناطق، وضعف الرعاية الاجتماعية وانحسار نسبة الزواج وفي المقابل ارتفاع حالات الطلاق، هذا فضلا عن غلاء المعيشة الفاحش والذي يزداد فحشا يوما بعد يوم، خاصة بعد رفع الدعم عن الوقود والكهرباء وتوحيد سعر الصرف وغيرها من قرارات قاسية قادمة، وكل هذه الظروف مجتمعة هي التي أفرزت وخلقت ظاهرة بائعات الشاي التي انتشرت خلال السنوات الاخيرة بصورة كبيرة حتى بلغ عدد ممتهناتها الالاف، وجلهن ان لم يكن كلهن يعلن اسرا كبيرة تعتمد اعتمادا مباشرا وكليا على مورد ودخل هذه المهنة، فمن هذا المورد على ضآلته يوفرن لقمة شريفة لزغب صغارٍ فقدوا العائل، ويدبرن حق الفطور ورسوم الدراسة لمن هم في سن الطلب، وكم من ست شاي ربت وعلمت وخرجت من الجامعات وما فوق التعليم الجامعي، ورفدت المجتمع بأطباء وطبيبات ومهندسين ومهندسات ومثقفين ومثقفات وأدباء وأديبات، وغيرها وغيرها من مهنٍ وحرف وعلومٍ ومعارف، وهنالك عشرات الأمثلة من بنات وأبناء ستات الشاي، وكل من امتهنت مهنة شريفة، صرن وصاروا بفضل مثابرة ومصابرة امهاتهن واخواتهن اسماء وارقام فى المجتمع..
حيدر المكاشفي – صحيفة الجريدة