نُذر أزمة تلوح في الأفق بين بنك السودان ولجنة التفكيك وإزالة التمكين بعد أن ألغى محافظ البنك المركزي قرارات أصدرتها اللجنة بإنهاء خدمة عشرات العاملين بالبنك.. وتصعيد لهجة اللجنة برفض الخطوة وتمسكها بقرارات الفصل. والأسبوع الماضي كانت لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد واسترداد الأموال العامة، أنهت خدمة 233 من العاملين ببنك السودان المركزي والشركات التابعة له. وأوضح حينها طه عثمان، عضو اللجنة أن اللجنة توصلت إلى أن هؤلاء حصلوا على هذه الوظائف بغير وجه حق. كما منعت إدارة بنك السودان المفصولين بأمر لجنة إزالة التمكين من دخول مقر البنك المركزي قبل أن يعلن البنك اعتذارًا لهم عن الطريقة التي تمت معاملتهم بها، وإعادتهم للعمل.
فعل ورد فعل:
في المقابل ضجت منصات التواصل الاجتماعي بين مؤيد لخطوة المركزي، واعتبار أن أسس الإقالة لم تكن واضحة ما دفع المحافظ لإلغاء قرار اللجنة وإصدار أوامر بمباشرة المفصولين مهامهم، وتيار عبر عن سخطه من قرار المركزي بإعادة المفصولين، وذهب يسبح بحمد لجنة التمكين وصواب قرارها.. فيما رصدت متابعات )الصيحة( دعوات نشطت عبر الميديا تطالب بإقالة محافظ المركزي.
من جانبها قالت لجنة التفكيك في بيان لها أن القَرَارات الصادرة منها غير قابلة لإيقاف التنفيذ وفقاً لنص المادة (3/8) من قانون تَفْكِيك نظام الثَّلاثِين من يونيو 1989 وإزالة التمكين لسنة 2019 تعديل سنة 2020. وأكدت أن التّوجيه الصادر من محاقظ بنك السودان وما ترتب عليه من تعميم صادر عن الإدارة العامَّة للموارد البشرية للبنك مخالف للقانون ولا يجد ما يسنده. وتابع البيان “عليه تؤكد اللجنة على نفاذ قَرَارها الصادر بالرقم (492) والقاضي بإنهاء خدمة عاملين ببنك السودان المركزي والمؤسسات التابعة له وعلى محافظ البنك تنفيذ القرار وفقاً لمقتضيات القانون”. ومؤخرًا أصدر تجمع المصرفيين السودانيين بيانًا أكد خلاله مساندته للجنة إزالة التمكين وتفكيك نظام الثلاثين من يونيو ١٩٨٩م وقال في البيان بأن محافظ البنك المركزي يعمل ضد أهداف الثورة. وطالب بإقالته وأعلن عن خطوات تصعيدية حتى يتحقق هذا الهدف.
مرمى النيران:
منذ بدايات عمل لجنة إزالة التمكين وتفكيك نظام الـ30 من يونيو، واجهت اللجنة متاريس وتحديات كبيرة، وتعرض عدد من قياداتها لمحاولات الاغتيال. كما تلقى عضو لجنة التفكيك وإزالة التمكين والناطق الرسمي باسم قوى إعلان الحرية والتغيير وجدي صالح تهديدات مباشرة من منسوبي النظام البائد. حتى إنه قال على حسابه في تطبيق (فيسبوك)، “إنه تلقى عدداً من التهديدات المباشرة من بعض منسوبي النظام البائد”، وتابع: “يظل ردنا عليها بأننا ماضون في تحقيق أهداف ثورة ديسمبر العظيمة، وسنعمل على تفكيك مؤسسات النظام البائد التي نهبت أموال شعبنا صامولة صامولة”. لكن محاولة وجدي لم تكن الأولى حيث تعرض د. صلاح مناع لمحاولة اغتيال معنوي وبلاغات مقيدة ضده.
وسابقاً تعرض أعضاء اللجنة بولاية غرب كردفان (غربي السودان) حسين بكار ومحمد إبراهيم لمحاولة اغتيال بإطلاق أعيرة نارية على سيارة كانت تقلهما، بحسب ما كشفه عضو المجلس السيادي ونائب رئيس لجنة التفكيك وإزالة التمكين محمد الفكي سليمان.
عبر تغريدة على “تويتر” إن مثل تلك المحاولات اليائسة، لن تُثني أعضاء اللجنة عن إنجاز تكاليفهم في تصفية جميع أشكال ومظاهر العهد البائد، التي نصت عليها الوثيقة.
في السياق، شبه محللون أن الفساد مثل (النبتة) أو الحشائش الضارة التي كلما أستؤصل جزء منها نبت جزء جديد فيما تظل النبتة تصارعاً لأجل البقاء.
المبدأ والتنفيذ:
ويقول المحلل السياسي د. حاج حمد محمد خير في حديثه لـ(الصيحة): لا نختلف مع لجنة إزالة التمكين حول المبدأ والأهداف ولكن هنالك نقاط خلافية حول التنفيذ أحادي النظرة وعمل هواة وليس عمل محترفين، وأردف: مثلاً في القانون الجنائي (عندما تتحفظ لجنة إزالة التمكين على ملف شخص لعدم أهليته في الخدمة المدنية.. فإن قانون الخدمة يخضع لمجلس محاسبة ثم يقال من العمل.. لذلك وطالما هنالك عدالة وإنصاف لماذا تلجأ اللجنة إلى عمل (هلوله) وتصنع من هؤلاء الأشخاص أبطالاً.. وبالتالي سيجلب أسلوب اللجنة انقساماً في الآراء.. وقال حمد أساليب اللجنة تحتاج إلى مراجعة حتى لا تخصم من عمل اللجنة.. وهنالك استفهامات في عدم قدرتها للاحتفاظ بمسافة بين المواقف الشخصية والعمل العام.
وأشار حمد إلى أن أسلوب اللجنة يفتقر إلى المهنية والكفاءة، وقد يفقدها البوصلة.. وأردف: ونحن معهم على إن إزالة التمكين كمبدأ مهم وصحيح وضرورة مرحلية.
قرارات قيد الصدور:
وكشفت مصادر من داخل لجنة إزالة التمكين عن قرارات مفصلية ستصدر في الساعات المقبلة بشأن النزاع بين لجنة إزالة التمكين ومحافظ البنك المركزي بحق العاملين بالبنك الذين تم فصلهم بأمر اللجنة ورفض المحافظ للقرار وتمسكه بعودة العاملين. فيما رصدت (الصيحة) أمس الإثنين مباشرة العاملين المفصولين عملهم واستقبالهم من قبل زملائهم في البنك بالزغاريد والحلوى.
وكان قد أثار قرار لجنة إزالة التمكين تجاه منظمة الدعوة الإسلامية، ووزير الخارجية الأسبق في النظام السابق على كرتي، جدلاً قانونياً كبيراً، وبرزت ردود فعل عنيفة، تتعلق بحل المنظمة واسترداد نحو(99) قطعة أرض مملوكة للرجل، وبالرغم من الخطوات التصعيدية التي لوحت بها المنظمة والوزير السابق، في مقاضاة اللجنة، إلا أن وزير العدل نصر الدين عبد الباري، حسم ما يدور وأكد سلامة الإجراءات التي اتخذتها اللجنة قانونياً، وتوعد كل من أجرم في حق الشعب السوداني وكل من نهب المال العام بالمحاسبة الرادعة.
تقرير – نجدة بشارة
صحيفة الصيحة