الذين يشتمون الترابي والبشير

من أجل احقاق الحق .. فأن الأفندية الذين يحكمون اليوم .. يحملون نظرة سالبة لمسألة إشاعة التعليم .. كنت قد فصلت ذلك في كتابات سابقة ..

ولو أستمعتم لأفادات د.فدوى المدونة عندي في عدد من البرامج والأستضافات وكذلك أنتصار صغيرون وغيرهن .. لوجدتم عندهن حنين فظيع لحقبة الأفندية الاولى وأمجادها في زمن تدليل الأنجليز والدولة للخريجين .. حينها كانت الجامعة فعلآ مستحيلة .. وطلابها يحفظون بعضهم ..

الأنقاذ حرصت على أن يتعلم اكبر قدر ممكن من السودانيين طوال 30 عام .. اي ان الأفندي المضاد والأنقاذ هي دولته .. قرر أن يهدم هذا الامتياز ..ييسر التعليم ويشيعه فينزع عن النخبة الغردونية آمتيازاتها .. وهي نخبة بطبيعتها تعاديه .. أذكر أن أحد الأستشاريين الشيوعيين قال لي الانقاذ كانت تجمع (المقطعين) .. وأنه كان يسكن بري ويرتدي قميص انجليزي يأتى امثال (الحاج ادم ) ليتفرجوا عليه .. هكذا كان يحدثني عن الأنقاذ. .

الأنقاذ رفعت من شأن الكوادر الطبية وغيرت اوصافهم الوظيفة و كانت تسعى في أخر أيامها لمنح الحق لكل المهن الطبية في شغل منصب المدير الطبي .. وهي بذلك كانت تسعى للقضاء على أمتياز (الطبيب) .. والأهم على العقل الغردوني الذي يسيطر على هذه المهنة .. عقل مستعلي .. متنطع وينظر للناس من فوق ..

ما قبل الإنقاذ كانت فرص القبول لا تتعدى مئات الطلاب سنويآ .. و لم يكن في السودان سوى جامعتين .. و لذلك فقد كان التعليم و من ثم الوظيفة ذات المخصصات فرصة نادرة لا يظفر بها الا العشرات كل عام ..

الأنقاذ قامت بذبح هذا الإرث الأفندوي .. في بلد لم تنجز طوال 33 عام من استقلالها و لا جامعة واحدة .. الديموقراطية الأولى و الثانية و الثالثة .. العساكر عبود و نميري (جامعتين ) .. الشيوعيون و القوميين العرب .. و لا جامعة واحدة ..
الأنقاذ فتحت الجامعات .. و فتحت مواسير النفط .. و عقول الشباب .. علمتهم .. و وفرت لهم أنترنت هو الارخص في العالم .. و وقود هو الأرخص في العالم .. و خبز هو الارخص في العالم ..

عبر اكثر من 28 جامعة حكومية كبيرة .. خرجت الأنقاذ أمثال الأصم و البراق و الشواني من جامعات خلقتها بيديها.. الأنقاذ صنعت الجيل (المتطلع) و ربما الجاحد الذي أسقطها..

اليوم عادت انتصار صغيرون بالتعليم الى ما قبل الانقاذ .. رسوب نصف الممتحنين .. تقليص مقاعد القبول .. و قفل الترشيح لبعض التخصصات .. في البدء اعلنت عن ذلك .. ولما هاجمناها تراجعت في الاعلام .. و لكنها طبقت هذه السياسات المجحفة في الخفاء ..
هولاء الناس يستكثرون عليك مقعد في الجامعة .. منحته لك الأنقاذ التى سعيت لإسقاطها .. يستكثرون عليك رغيف الخبز و جالون الوقود و العلاج المدعوم ..

عما قريب سيعود التعليم إمتياز .. لن تعود أغلب الاسر السودانية قادرة على دفع ثمنه ..
لو كنت تعمل في الخليج أو اوربا أو أمريكا .. أنظر الى شهاداتك .. اذا كانت واحدة من الجامعات التي صنعتها الانقاذ. . فلا تنسى أن تعتذر للبشير و الترابي على لعناتك التي أطلقتها و أنت جاهل .. لولا الرجلين .. لكنت في الغالب تمارس بعض المهن الهامشية و لا تعرف الفرق بين عبود و نميري ..

عبدالرحمن عمسيب

Exit mobile version