مصر.. مسلسل “أحمس الملك” يثير الجدل ومطالبات بإيقافه

انتقادات حادة، ضجت بها مواقع التواصل الاجتماعي، خلال الآونة الأخيرة، ضد المسلسل المصري “أحمس الملك”، المزمع عرضه خلال شهر رمضان المقبل.

وطال الهجوم الملصق الدعائي للمسلسل، الذي يظهر فيه عمرو يوسف بلحية، بينما النصوص التاريخية تقول إن أحمس كان حليقا.

ووصلت الانتقادات إلى عدم صلاحية الممثل المصري عمرو يوسف، في أداء هذا الدور تحديدًا، بسبب أن أحمس كان أسمر البشرة، أسود العينين، شأن كل جنوبي مصري، على عكس هيئة يوسف.

ورغم أن شركة الإنتاج أصدرت بيانًا صحفيًا، قالت فيه إن الملصق الدعائي لا يخصها، إلا أن الجدل لم يتوقف وامتد إلى مساحات تاريخية وفنية، اختلف حولها كتاب وباحثون مصريون، حول صحة الرواية التاريخية، وأحقية العمل الفني في التمرد على مفردات التاريخ المعروفة سلفًا.

الرواية التاريخية

وفي هذا السياق، يقول بسام الشماع، الباحث في علم المصريات، “إن المسلسل مأخوذ عن رواية “كفاح طيبة” للروائي نجيب محفوظ، واصفًا إياها بالرواية الرديئة على المستوى التاريخي، وقد ترقى إلى درجة الخيانة.

ويضيف الشماع لموقع سكاي نيوز عربية أنه تعرف إلى تفاصيل المسلسل من أحد أعضاء فريق العمل، ولفت نظره الكثير من الأخطاء التاريخية التي يرى فيها إساءة للتاريخ المصري، وتشويه الرموز الوطنية، وهو ما يعتبره مسألة أمن قومي.

ويعدد الباحث في علم المصريات الأخطاء التي رصدها، في المسلسل، إذ يقول إن على رأس هذه الأخطاء، إظهار وقوع أحمس في غرام ابنة ملك الهكسوس، وهو ما يراه سقطة تاريخية كبيرة.

كذلك يصف الشماع، قصة كاموس شقيق أحمس الذي سبقه في حكم مصر، بالمزيفة، حيث تظهر أحداث المسلسل أن كاموس خائن، وقام الهكسوس بتربيته بعد وفاة والده سقنن رع تاعا الثاني.

إغفال دور والدة أحمس

وعن الرواية التاريخية أيضا، يرى الباحث المصري أن هناك إسقاطا لدور مهم وبارز في الكفاح ضد الهكسوس، وهو جهود يعاح حتب، زوجة سقنن رع تاعا الثاني، التي كانت وصية على العرش بعد وفاة زوجها، أثناء طفولة كاموس، وقامت بتوحيد الجبهة الداخلية، وجمعت شتات الفارين.

“كانت هذه السيدة أيضًا وصية على العرش، عندما توفى كاموس، وتبوأ يعاح نس، المعروف بـ”أحمس” العرش في عمر يتراوح بين التاسعة والعاشرة، وقدمت أيضًا خدمات جليلة، حتى أن ابنها أحمس أعطاها نوط الشجاعة المكون من ثلاث زجاجات ذهبية، عثر عليه في مقبرتها، لتصبح أول قائدة عسكرية في العالم”.

الأزياء

جانب آخر أخذ مساحة من هجوم بسام الشماع على مسلسل “أحمس الملك”، إذ يرى الرجل أن هناك أخطاء لا تغتفر في الأزياء منها، ارتداء كومبارس غطاء رأس ملكي، المعروف باسم نِمس، وهذا الرداء غير مخصص للعامة أو الجنود على الإطلاق”.

“بالإضافة إلى رداء “نِمس”، رصد الشماع خطأ آخر، في ارتداء أحد أفراد العمل خوذة، وفي هذه الحقبة التاريخية لم يكن معروفًا على الإطلاق ارتداء الجنود للخوذة، التي عرفت في عصور لاحقة”.

ويتابع الباحث في علم المصريات: “هناك خلاف أيضًا حول وجود الدروع في هذه الفترة من التاريخ، لكن على كل حال، وجود درع يحمل نسرًا برسم معين، غير صحيح، لأن رسم النسر بهذا الشكل الظاهر على الدرع لم يكن معروفًا في مصر القديمة”.

ويختتم الشماع حديثه لموقع سكاي نيوز عربية بالتأكيد أنه تواصل مع عدد من أهم الباحثين في التاريخ المصري القديم، وكذلك مع مسؤولين بارزين في هيئات الآثار المصرية وتأكد من الجميع، أن أي تواصل من فريق عمل المسلسل لم يحدث معهم على الإطلاق، مطالبًا بضرورة إيقاف العمل فورًا، وعدم عرض على الشاشات.

حكم مبكر

على الجانب الآخر، يرى الكاتب المصري، الدكتور حاتم حافظ، أن الحكم على مسلسل “أحمس الملك”، لا يزال مبكرًا، لافتًا إلى ضرورة الانتظار حتى يخرج العمل الفني للنور، ومن ثم إصدار أحكام تجاهه.

ويضيف حافظ في حديثه لموقع سكاي نيوز عربية أنه لا يؤيد إيقاف أي عمل فني على الإطلاق، لكن ما يمكن القيام به هو معارضة العمل الفني بكتابات نقدية، أو تقديم عمل فني آخر يتبنى الرواية الأخرى.

ويوضح الكاتب المصري، أن هناك روايات تاريخية متعددة لكل وقائع التاريخية، فهناك روايات منها أقرب للحقيقة، وأخرى ضعيفة، لافتا إلى أن الروائي عندما يكتب رواية تاريخية، تكون له رؤية فنية، وهذا حقه، بشرط أن يدعم هذه الرؤية نص تاريخي واحد على الأقل.

لكن حافظ يعود ويؤكد أن غياب النص التاريخي حول وقائع معينة، يعطي مساحة أكثر رحابة لخيال الكاتب، “الفن عبارة عن خيال، ومن حق الكاتب أن يشكل هذا الخيال وفقًا للرؤية الفنية، فيما لا يتعارض مع نص تاريخي مؤكد”.

وعن الاتهامات الموجهة للمسلسل من زاوية أنه يشوه الشخصيات التاريخية، يشدد الكاتب المصري على ضرورة انتظار خروج النص الدرامي للنور، فمن الممكن أن تكون هناك معالجة مختلفة للنص الروائي، وفي النهاية من حق صناع العمل تبني الرؤية الفنية التي يفضلونها.

حافظ يرى أن هناك انتقادات منطقية موجهة للعمل، منها تأدية عمرو يوسف لدور أحمس، وهو ما يتعارض مع الملامح الحقيقية للملك المصري، لكن أيضًا يمكن معالجة الأمر بتغيير لون البشرة، لذلك يجب علينا انتظار ظهور العمل، لتكوين وجهة نظر واضحة.

سكاي نيوز

Exit mobile version