بالرغم من ان مشروع الجزيرة يعدّ من أكبر المشاريع المروية على مستوى العالم بمساحة شاسعة ومتميزة تبلغ 2.2 مليون فدان، مساحة ربما تعادل مساحة دول ويساهم بنصيب مقدر من الدخل القومي ، ويعتبر المشروع رافداً من روافد الاقتصاد السوداني إلاّ أنه يعتبر واحداً من المشاريع التي دمرتها الحكومة السابقة دمارا تسبب في شلل الاقتصاد السوداني ، كما دمرت غيره من المشاريع الكبيرة التي ظل المواطن السوداني يتحسر على ضياعها عندما انهارت إمبراطورياتها بأيادي عبثت بها ومازال الشعب يقف على أطلالها حسرة وأسف ، كمشروع الجزيرة والناقل الوطني والسكة حديد ، تلك المشاريع التي لم يكتف بدمارها بل خدعونا زمناً طويلا بعبارات ( سنعيدها سيرتها الاولى ) وهي عبارة تقف شاهداً ودليلا واعترافاً على انهم تسببوا فعلاً في دمار السيرة الاولى لكثير من المشاريع لذلك ظلوا يحدثوننا وعداً كاذباً ، انهم سيعيدوا ما قاموا بدماره ، ومرت سنين الخديعة الي ان قضى الله امراً كان مفعولا.
وفي هذا العام بشرت محاصيل العروة الشتوية بإنتاجية عالية، بفضل التأسيس الجيد للمحاصيل والخبرات التراكمية لمزارع الجزيرة وتنسيق الجهود وتكامل الأدوار بين عدة جهات سودانية وذلك بالجهود المبذولة من الجهات المشاركة في المشروع ، إدارة مشروع الجزيرة ووزارة الري والموارد المائية والبنك الزراعي واللجنة التسييرية لإتحاد مزارعي الجزيرة والمناقل.
واكتملت زراعة 500 ألف فدان بمحصول قمح منها 2795 فدانا بالجزيرة و2205 فدانا بالمناقل، من جملة المساحة المستهدفة والبالغة 600 ألف فدان، بجانب زراعة 300 فدان بمحاصيل أخرى،وأمس الأول أعلن محافظ مشروع الجزيرة والمناقل د. عمر مرزوق عن تدشين الحملة القومية لإعمار مشروع الجزيرة بقاعة الصداقة اليوم السبت ، وأكد عن بداية حصاد القمح بالمشروع في السابع من مارس الجاري، كاشفاً عن لجنة برئاسة وزير الزراعة ستصدر السعر التركيزي للقمح خلال هذا الأسبوع ، وأكد المحافظ تعرض المشروع لانهيار إبان عهد الحكومة السابقة في البنية التحتية والإدارة، داعياً القطاعات والشركات والمواطنين لدعم حملة إعمار المشروع، مشيراُ إلى إجراء اتصالات مع الجاليات في الخارج للمشاركة في إعادة وتأهيل المشروع ، وحث محافظ المشروع الأطراف المختلفة حول سد النهضة للاتفاق حتى لا يتأثر المشروع في عمليات الري.
وسبت أخضر على مشروع الجزيرة ذلك المشروع قومي الذي يجب ان تتضافر جهود كل السودانيين في الداخل والخارج لإعماره وإعادة هيبته ، وان تضع الحكومة المشروع نصب أعينها ، لأن سلاح الإنتاج الزراعي هو السلاح المستقبلي الذي يمكن ان تجابه به الحكومة الحالية والقادمة كل الظروف الاقتصادية القاهرة ،وبالزراعة يمكن ان تتحقق كثير من الاحلام العصية التي ينشدها المواطن ، ومواطن منتج قادر على ان يضع بلاده في مقدمة الأمم وبلد تعلو بإنتاجها لن تهزم ، لذلك لابد من توظيف كل الاموال الخارجية التي تدخل الي خزينة الدولة في المشاريع الاستثمارية بصفة عامة والمشاريع الزراعية بصفة خاصة ، فإن عملت الحكومة على عملية تعلم حرفة الصيد لا ان تنتظر ان تُعطى سمكاً ، ستجني ثمار هذه الاموال ولكن ان تحولت الحكومة ايضا مثل المواطن لمستهلك ستجد نفسها امام أزمات متجددة .
ومن هنا ندعم بقوة الحملة القومية لإعمار مشروع الجزيرة ، وكل مشروع يساعد في بناء وطن شامخ عزيز ومكتفي ، لأن التغيير والإعمار ليس بالقول والشعارات إنما بالفعل والعمل ، فالوقت آن للبناء والتعمير ، لهذا لابد من مبارحة البكاء على الأطلال ، أعيدوا المشروع لسيرته الأولى حقيقة وصدقاً ، وهذا ليس مستحيلاً لطالما إن الحلم بإعماره اصبح ممكناً .
طيف أخير :
غيرنا من يحرث ارضنا يبني ويعمر بلدنا
صباح محمد الحسن – صحيفة الجريدة