حليم.. لا كرامة لنبي في قومه
* مظاهر الفساد في ساحة الرياضة السودانية كثيرة، مع أن تاريخنا الرياضي يزخر بنماذج مشرفة، لإداريين عظماء، خدموا النشاط بإخلاصٍ شديد، وبذلوا أموالهم ووقتهم وجهدهم لتطوير الرياضة السودانية.
* منهم الدكتور عبد الحليم محمد، رحمة الله عليه، الذي تنطبق على سيرته مقولة (لا كرامة لنبي في قومه)، لأنه أنجز ما أعجز سابقيه، بإنشائه الاتحاد الإفريقي لكرة القدم في الخرطوم عام 1957.
* عندما زار البرازيلي جواو هافيلانج، الرئيس الأسبق للاتحاد الدولي لكرة القدم السودان في شهر أكتوبر من العام 1979، تحدث ليرد على كلمة الترحيب التي ألقاها على مسامعه د. حليم، وقال: (أشكر صديقي وزميلي الدكتور حليم، الذي عندما يقف ليتحدث في اجتماعات الفيفا يستقبله الأعضاء بالتصفيق تعظيماً وإكباراً، وعندما يبدأ الكلام يقاطع بالتصفيق استحساناً وتقديراً).
* ذاك دكتور حليم، الإداري الأنجح والأوفر نزاهةً، والأكثر إنجازاً واستقامةً في تاريخ الرياضة السودانية، إذ إنه كان أول من سودن منصب رئيس الاتحاد السوداني لكرة القدم في العام 1953، وكان أول رئيس للجنة الأولمبية السودانية، وأول سوداني ينال عضوية اللجنة الأولمبية الدولية، وأول إفريقي يعمل نائباً لرئيس اللجنة الطبية في الفيفا، وأول (وآخر) سوداني ينال عضوية اللجنة التنفيذية للفيفا.
* حليم الأعظم.. الذي ضمَّن اسم السودان في النظام الأساسي للاتحاد الإفريقي إلى الأبد، وتقلد رئاسة الكاف قبل أن يخلفه الكاميروني عيسى حياتو، وينعم عليه الاتحاد الإفريقي بلقب الرئيس الفخري، ويحصل على وسام الاستحقاق من الفيفا، بعد تقاعده ، ليصبح السوداني الوحيد الذي حاز ذلك الشرف الرفيع.
* ظل حليم – رحمة الله عليه – نظيف اليد، نزيهاً عفيفاً لم تخالطه شبهة سرقة ولا استغلال لمقدرات اتحاده، خلافاً للرئيس الحالي للاتحاد، الذي عمت أخبار فساده الآفاق، ومنها نبأ يتعلق بإنعامه على زوجته بمبلغ عشرين ألف دولار من أموال الاتحاد، وسماحه لها بقيادة سيارة مملوكة للاتحاد أكثر من عشر سنوات!
* حليم رمز النزاهة والعفة، وأكثر قيادات الرياضة السودانية طهراً وابتعاداً عن التعدي على المال العام، وأوفرهم بعداً عن الشبهات، وأكثرهم تقلداً للمناصب الدولية والقارية.. لم يتم تخليد ذكراه في الاتحاد الذي تولى رئاسته خلفاً للإنجليز.
* لا توجد أي قاعة ولا صالة ولا ملعب في السودان باسم د. حليم حتى اللحظة، في حين حمل كأس الدوري الممتاز اسم المرحوم عبد الرحيم شداد، وحرص كمال شداد على تخليد ذكرى (عمَّه) بتسمية إستاد الخرطوم وإحدى قاعات أكاديمية كرة القدم عليه، مع أنه عمل سكرتيراً لاتحادٍ ترأسه الدكتور حليم.
* إذا أردنا أن نستعرض إنجازات وأفضال د. حليم على الرياضة السودانية فسنحتاج إلى كتب ومجلدات، إذ يكفيه فخراً أنه رهن منزله، كي يوفر لاتحاده المال اللازم لتنظيم أول بطولة أمم إِفريقية في العام 1970، عندما تأخرت وزارة المالية في توفير المال اللازم للبطولة.
* مؤسف أن لا يجد هذا الهرم الرياضي الخالد ما يستحقه من تكريمٍ يتناسب مع سيرته العطرة، وإنجازاته الضخمة، التي امتدت إلى الكاف والفيفا واللجنة الأولمبية الدولية.
* سبق لنا أن ناشدنا المهندسة ولاء البوشي وزيرة الشباب والرياضة السابقة كي ترد للدكتور عبد الحليم محمد اعتباره، وتمنحه التكريم الذي يستحقه ويليق بما قدمه للرياضة السودانية والإفريقية والعالمية، بإطلاق اسمه على استاد المدينة الرياضية، ليحمل مسمى (ملعب الدكتور عبد الحليم محمد الأولمبي)، وفاءً وعرفاناً وتقديراً لأفضل وأعظم إداري رياضي في تاريخ السودان والقارة السمراء.
* لم تستجب البوشي، ويحدونا الأمل أن تجد صرختنا الاهتمام اللازم من خلفها يوسف الضي، وزير الشباب والرياضة المطالب بإنصاف حليم وتكريمه، علاوةً على محاربة الفساد المستشري في الوسط الرياضي، بدءاً باتحاد الكرة، الذي عمت أخبار سرقاته وفساده الآفاق.
مزمل ابو القاسم – صحيفة اليوم التالي
كتر الله من أمثالك أيها الكاتب الوفي.