فريق ركن/ إبراهيم الرشيد يكتب: أحسنوا حال السجون فأنتم إليها راجعون

ما من نظام حكم مر على السودان إلا انتهى أمر طاقمه إلى غياهب السجون، وما من طاقم حكم انتهى بهم الأمر إلى السجون بعد أبهة وعز وتعالٍ إلا اشتكوا من سوء حال السجون والمعتقلات كأنما لم يكونوا مسؤولين من تلك السجون، وعلى سوء حالها لم يكونوا هم الواقفون!!.
الشاهد أن المتابع لأنظمة الحكم المتعددة في السودان بمختلف مسمياتها وانتماءاتها يجد أن نهاية قادة تلك الأنظمة هي السجن.
حتى أن الزعيم إسماعيل الأزهري (رافع علم الاستقلال) وطاقم حكومته عندما استلم عبود الحكومة أرسلهم إلى سجن الرجاف وما أدراك ما الرجاف وبالرغم من أن فترة حكم الرئيس الفريق عبود أطلق عليها الزمن الجميل إلا أن الشعب ثار عليهم في أكتوبر 1964م وانتهى الأمر بالرئيس عبود وأعضاء حكومته في غياهب سجن شالا بدارفور.
وجاءت الأحزاب بعدهم للحكم بصراعاتها ونفاقها، وتآمر بعضها على الحزب الشيوعي حيث طرد أعضاء الحزب المنتخبين من البرلمان، فتجمع الحزب الشيوعي والأحزاب التقدمية وعناصرهم في القوات المسلحة بقيادة جعفر محمد نميري واستولوا على السلطة تحت مسمى ثورة مايو وهكذا انتهى الأمر بحكومة الديمقراطية الثانية إذ أرسل الزعيم الأزهري والصادق المهدي ووزراءهم إلى السجون.
لم يمض عامان على حكم مايو فتآمر قادتها على بعضهم نتج عن ذلك انقلاب الرائد هاشم العطاء الذي استلم السلطة لمدة ثلاثة أيام بعد وضع الرئيس نميري وأعضاء حكومته المعتقل، عاد الرئيس نميري وحكومته للسلطة فأودع الرائد هاشم العطاء وصحبه من الضباط والسياسيين السجون وأعدم من أعدم وسجن من سجن فكانت الخسائر على الوطن من الجانبين عظيم.
انتهى الأمر بحكومة مايو نفسها إلى السجون بعد نجاح ثورة أبريل 1985م ما عدا الرئيس جعفر نمري الذي كان خارج السودان.
(ألم أقل لكم أن جميع أعضاء أنظمة الحكم في السودان ينتهي بهم الأمر إلى السجون مهما كانت قوتهم وسلطانهم، إذ أنهم ليسوا أقوى من الشعب).
رأينا جميعاً كيف بهدل قيادات مايو، وكيف جرجر نائب الرئيس نميري اللواء الركن عمر محمد الطيب وهو بلبس رداء السجن العراقي واللباس الدمورية وكذلك الوزير الأول دكتور بهاء الدين محمد إدريس، بعد عودتنا من القاهرة وكنت من ضمن الوفد المرافق للرئيس نميري، زرت دكتور بهاء الدين في المعتقل وشاهدت الوضع المزري الذي هم فيه وسوء المرافق الصحية وسوء المعاملة للمعتقلين.
كتبت وقتها مقال تحت عنوان (أيها الحكام أحسنوا حال السجون فأنتم لها راجعون) جاء فيه ألا ترون كيف انتهى الأمر بالسابقون من الحكام؟؟.
بعد سقوط مايو والرئيس نميري جاءت الديمقراطية الثالثة برئاسة السيد الصادق المهدي وباختصار دون الدخول في تفاصيل وقد فصلنا في مقالات سابقة (انتهى الأمر بالرئيس الصادق المهدي وأعضاء حكومته ومجلس رأس الدولة برئاسة مولانا أحمد الميرغني انتهى الأمر بهم إلى السجون وكانت حالها أسوأ مما كانت عليه، فهلا استمعوا إلى النصح!؟).
(تآمر الإسلاميون على الديمقراطية الثالثة وهم أعضاء منتخبين فيها فقاموا بانقلاب الثلاثون من يونيو 1989م واستولوا على السلطة وزجوا بجميع أعضاء حكومة الصادق إلى السجون وغيرهم المعتقلات وكانت جميعها أسوأ مما كانت عليه وكانت المعاملة في المعتقلات لا سابق لها فلم يستمعوا إلى الصنح، وربما كانوا يظنون أنهم في الحكم دائمون وإن كانوا عملوا على تحسين حال السجون والمعاملة فيها لما كانوا اليوم يشتكون!.
ولكن عزيزي القارئ هل سينتهي أمر السجون لأنظمة الحكم في السودان بانتهاء حكم الإنقاذ أم أن الذين اسقطوا الإنقاذ سينتهي بهم الأمر في السجون؟؟.
لا أحد يدري ولكن إن كان من يحكموننا اليوم جادين في إيقاف الدائرة الخبيثة وأمر انتهاء الحكام في السجون، عليهم البحث بجدية للوصول إلى مصالحة وطنية جامعة وشاملة لا تستبعد أحد وتكون القوات المسلحة والأجهزة الأمنية حارسة لها أمام الشعب، وهذا ما نأمل أن يحدث وبه تطمئن القلوب وتستقر الأمور، وإلا أخي الفريق أول البرهان والأخ العزيز عبد الله حمدوك أن تعملوا بالنصيحة وتقوموا بتحسين حالة السجون وإصدار قوانين تحكم التعامل مع المعتقلين والمسجونين وتضبط حقوقهم حتى لا يأتي يوماً فيه تشتكون أن تنتهي فترة حكمكم كما انتهى حكم السابقين لكم منذ الاستقلال؟؟.

صحيفة الانتباهة

Exit mobile version