رُب ضارة نافعة.. على غير العادة، شملت دائرة التحقيقات الرسمية – واتهامات الرأي العام – حول عملية تهريب الذهب التي تم إحباطها بمطار الخرطوم – هذه المرة – شركة بدر للطيران أيضاً، وهذا ما لم يكن يحدث في العمليات السابقة.. فالشاهد، عند كل عملية تهريب يتم كشفها بمطار الخرطوم، كانت أصابع الاتّهام تُشير فقط إلى أفراد الأجهزة الأمنية والشرطية والعاملين بمطار الخرطوم.. شركات الطيران لم تكن في دائرة الاتهام، كما الحال الآن..!!
:: ثم رُب ضارة نافعة.. في الأخبار أن السلطات تحفظت على المتهمين والمعروضات (18 كيلو ذهب)، ثم أفرجت عن طائرة شركة بدر – مسرح الجريمة – بعد خمسة أيام من التوقيف، وهذا ما لم يكن يحدث أيضاً في عمليات التهريب السابقة.. إذ كانوا يحبطون العمليات ويتحفظون على المتهمين، ثم يتركون الطائرة تواصل رحلاتها كأنها مُحصّنة ضد التوقيف ولو لحين اكتمال التحري والتحقيق..!!
:: وثمة مُلاحظات يجب أن تقف عندها سُلطات التحري.. أولاً، القاسم المشترك في كل عمليات التهريب التي كادت أن تتم عبر شركات الطيران الوطنية، أي يتم كشفها بمطار الخرطوم، هو (بدر للطيران).. تكاد أن تكون بدر للتهريب، وليس بدر للطيران، من كثرة استغلاها للتهريب.. لشركة تاركو رحلات إلى الإمارات، وكذلك لشركة نوفا، ولسودانير أيضاً، ومع ذلك لم يحدث أن تحولت طائرات هذه الشركات الوطنية إلى مسارح لجرائم التهريب..!!
:: ثم إن كل عمليات التهريب التي تم إحباطها بمطار الخرطوم، مسرحها طائرات بدر للطيران القادمة من مطارات ولائية، والمتوجهة – عبر مطار الخرطوم – إلى الإمارات، كأن تأتي الرحلة من مطار الدمازين وتُغادر إلى دُبي.. وعليه، يجب أن يشمل التحقيق والمراقبة هذه المطارات الولائية أيضاً.. ثم أن بدر للطيران سبقت سلطات الدولة في إصدار بيان حول الحدث الأخير، وهذا قد يكون مجرد خطأ إداري..!!
:: ولكن ما ليس مجرد خطأ هو أن بيان بدر للطيران كاد أن ينسب الفضل في إحباط عملية التهريب لبعض طاقم الطائرة لحد الحديث عن تكريم مُضيفة.. فالشاهد، حسب الوقائع الموثقة، بعد أن وفر جهاز الأمن والمخابرات المعلومة، اتصلت سلطات الجمارك بكابتن الرحلة وأمرته بإيقاف الطائرة بغرض التفتيش.. وما يُثير الاستفهام هو أن طاقم الرحلة لم يتعاون مع السلطات إلا بعد (ساعة وربع)، ظل خلالها يرفض الأمر.. لماذا يرفض..؟؟
:: وما لا يحدث إلا في موطن الفساد والإهمال، وتتحمل مسؤوليته سلطات مطار الخرطوم، هو السماح للمركبات غير التابعة للطيران المدني بالتجوال في كل أرجاء المطار، بما فيها موقف الطائرات.. فالمؤكد أن عربة المهندس أحمد عثمان أبو شعيرة، الرئيس التنفيذي لبدر للطيران، هي العربة الوحيدة غير المقيدة بقوانين ونظم تشغيل مطار الخرطوم، ليبقى السؤال: كيف؟، ولماذا؟، ومنذ متى تم السماح لهذه العربة بالدخول إلى موقف الطائرات..؟؟
:: ثم إن التحقيق يجب ألا يتوقف عند محاولة التهريب الأخيرة (18 كيلو ذهب)، بل يجب أن يشمل كل العمليات السابقة.. وبالمناسبة، أليس مُدهِشاً أن يتم ضبط أكثر من (42 كيلو ذهب)، خلال فترة لم تتجاوز ستة أشهر بمطار الخرطوم، قبل تهريبه عبر طائرات بدر للطيران؟.. وعليه، بما أنّ طائرات بدر للطيران أحد أهم مسارح جرائم التهريب، فمع المسارح الأخرى، فليس هناك ما يمنع التحقيق الدقيق والمراقبة اللصيقة لهذا المسرح المُهم..!!
الطاهر ساتي
صحيفة الصيحة