طالعتنا كثير من التصريحات في الأسافير خلال الأيام الماضية بعد زيارة وفد من المحكمة الجنائية للسودان، وكان قد سبقتها زيارة في العام المنصرم من سيدة بنسودا ممثل المحكمة الجنائية للسودان وقد كان من ضمن هذه التصريحات، تصريحات لبعض المسئولين من أعضاء المجلس السيادي بشقيه المدني والعسكري، وكذلك بعض من قادة الحركات المسلحة كلها تتحدث حول تسليم المخلوع وعصابته المجرمة للمحكمة الجنائية، حيث نجد أن العسكر رافضون تماما أمر تسليمهم وجانب في مجلس السيادة من المدنيين يصرون على تسليمهم وكما هو معلوم للجميع أن قائمة المطلوبين على رأسها إلى جانبي المخلوع عبدالرحيم محمد حسين واحمد هارون وذلك نسبة لتورطهم في محرقه دارفور المؤلمة فصار أمر تسليمهم للمحكمة الجنائية أمنية لا تبارح اذهان كل الشعب السوداني نسبة لبشاعه تلك الجرائم التي تعد جرائم ضد الانسانية وقد وصفت حسب القانون الدولي بأنها إبادة جماعية بصورة واضحة لذلك ظل الامل معقوداً على انقعاد الولاية للمحكمة الجنائية لها دون غيرها من المحاكم السودانية باعتبارها هي الاقدر على تحقيق العدالة الكاملة بحق هؤلاء القتلة، ولكن ظهرت تيارات مختلفة بهذا الصدد من بعض فئات الشعب فالبعض منهم يرى غير ذلك وينادي بأن الأفضل هو محاسبتهم داخلياً، وهنا في هذه الفئة اختلفت أيضاً الآراء مع إتفاقها على وحدة المكان وهو السودان فقد ذهبت احداها إلى إنه ما دامت العقوبة فيها تصل حد الاعدام شنقاً حتى الموت ويسبق تنفيذ هذه العقوبة وضعهم داخل السجن حيث الذلة والاهانة التي يستحقونها رأت انه لابد وأن يذيقهم القانون السوداني بأسه ولابد ان يتحاكمون أمام الشعب أيضاً حتى يشفي غليله منهم كنوع من الانتقام لارتكابهم هذا الجرم العظيم، ورأت فئة أخرى أن هذا الامر يعد تدخلاً في الشؤون الداخلية للسودان يمس سيادته وتنعقد الولاية فيه لقضائه ممثلاً في المحاكم السودانية ويرى أن القضاء السوداني قادر على هذا الامر ويثق في نزاهته بشكل كبير.
ولكن دعونا أولاً نتفق على وقفات لابد الانتباه لها أولاً وهي:
هل الاجهزة العدلية بحالتها التي يعرفها الجميع الآن من تواطؤ وتآمر على الشعب وثورته ومن انسجام تام مع افراد العهد البائد وفلولهم وعسكرهم الموجودون في السيادي سوف نرجى منها تحقيق العدالة كما يجب؟ وهل من الممكن في ضوء ذلك تنفذ هذه العقوبة (الاعدام) على هؤلاء القتلة؟
لا أظن أن أحداً يصدق مثل هذا الامر بل يعد من سابع، فاذا نظرنا إلى الوراء قليلاً سوف نرى ان بعض الجرائم التي هي (ابسط) من هذه الجريمة النكراء إلى الآن لم يتم مجرد التحقيق فيها بل لم تحرك ضد من ارتكبوها أي بلاغات حتى فهل نتوقع من (عدالتنا التي تغط في سبات عميق) أن تذهب الى حد تنفيذ أي عقوبة أخرى مهما صغرت ناهيك عن عقوبة مثل هذه العقوبه الأشد؟
لا أظن أن ذلك واردا في مخيلة أحد ما دامت هذه المنظومة العدلية الموبوءة بداء الكوزنة النتنة باقية دون إصلاح كامل شامل ولا أرى حتى الآن أي اتجاه لهذا المسلك وهي التي سوف تدير كل هذه اللعبة حتى تضيع الكثير من القضايا وتصل للحلول التي سوف يمليها عليها سادتهم عسكر السيادي المتحكمين في هذه الاجهزة الحساسة لذلك لا مجال هنا للكلام عن ان القضاء السوداني (بحالته الراهنة) قادر على تطبيق تلك العقوبة مهما كان.
ومن ناحية أخرى أرى ان الأمر قد تعدى قتل عدد بسيط حتى يصنف بأنه أمر داخلي لا يجوز التدخل فيه آخذين في الاعتبار السيادة الوطنية لأن ما تم قد كان إبادة جماعية بأبشع صورها قد مست الانسانية جمعاء وليس السودان وحده لذلك وجب التدخل من المنظمات الحقوقية الدولية في هذا الأمر الجلل وهو من صميم تخصصها أيضاً، ويتبادر إلى أذهاننا سؤال مهم هو: هل النائب العام أعد (سلفاً) ملف لهذه القضية كما هو مطلوب منه بالمواصفات المحددة دولياً لمثل هذه الجرائم؟ وهل له الجرأة على فتح مجرد النقاش حولها مع حلفائه من العسكر باعتبارهم متورطين فيها كما طالعنا ذلك في النشرات التي تداولتها الاسافير هذه الأيام؟ ورأينا ان قائمتها قد تذيلت باسم محمد حمدان(حميدتي) ؟
مع وجود تفاصيل أخرى تؤكد تورط (البرهان) أيضاً فيها بصورة كبيرة يدعم هذا الزعم، ولكن دعونا الآن ننتظر ما سوف تقوم بصياغته تلك الاجهزة العدلية المناط بها القيام بهذا الأمر ونرى ما هي تبريراتها التي قد تكون عاكفة على كتابتها الآن والتي نتوقع أن تدفع بها قريباً والمتوقع (حتماً) انها سوف تكون بغير ما ينشده الشعب بحسب ما درجنا ان نراه منها والفت نظر القراء الكرام ان هذا الكلام (مجرد توقع) وحسب قراءتنا للأحوال الآن التي يكذبها أو يصدقها ما سوف يحدث قريباً في امر التسليم هذا .
وبحسب ما قرأنا من فتاوى لبعض القانونين الوطنيين في أمر هذه الجريمة ( الإبادة الجماعية ) إن القانون الجنائي السوداني لا ينص على تجريمها بشكل واضح في نصوصه في ذلك الوقت ، وتعتبر هذه النقطة هي الثغرة المعدة سلفا لنجاتهم من العقوبة وذلك حسب معرفتنا لخبثهم ودهائهم الماكر وتلاعبهم بالقانون، ولكن توجد نصوص في القانون الدولي تنص عليها وعلى عقوبتها أيضاً لذا الأوجب هنا إن تنعقد الولاية للمحكمة الجنائية لهذا الغرض.
ولابد أن نذكر هنا أن الحق في هذا الأمر لاهل الضحايا وأولياء الدم وهم قد اتجهوا بقضاياهم إلى المحكمة الجنائية منذ البداية لذلك بالضرورة أن تنظر أمامها وتحكمها باعتبارها الأصلح لهم والأضمن لتنفيذ العقوبة، ولكن ما يحير في الأمر حقيقة هو موقف بعض قادة الحركات المسلحة (حليفة العسكر) وإصرارهم على تسليم قائمة المطلوبين كاملة للمحكمة الجنائية دون الالتفات لوجود اسم (حميدتي) صديقهم وحليفهم (محمد حمدان) في ذيل تلك القائمة ولا ننسى ان هذا الرجل هو من أتى بهم وحماهم ووقع معهم اتفاقهم المشؤوم ذلك فهل سوف يضحون به ويسلمونه مع المخلوع؟ ام ان هذا الامر له تصريف آخر لا نراه نحن؟
الوضع شائك في هذا الامر ترى ما هي النهاية؟
وظننا ان عدالة السماء لا تخطيء وكما تدين تدان ولكل ظالم وقاتل نهاية محتومة فالطغاة غالباً يأخذهم الطوفان…
كسرة :
وكاتل الروح وين بروح؟
كسرات ثابتة :
• السيدة رئيس القضاء : حصل شنووو في قضية الشهيد الأستاذ أحمدالخير؟
• أخبار الخمسة مليون دولار التي قال البشير أنه سلمها لعبدالحي شنوووووو؟
• أخبار القصاص من منفذي مجزرة القيادة شنووووووووووووو؟ااا
• أخبار ملف هيثرو شنوووووووووووووووو؟ (لن تتوقف الكسرة حتى نراهم خلف القضبان)
***********
الفاتح جبرا – صحيفة الجريدة