الإقرار بالذمة المالية وحظر الأعمال التجارية

مطالبات كثيفة أطلقها ناشطون قانونيون وسياسيون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تطالب بضرورة انفاذ المادة (19) من الوثيقة الدستورية، وكانت تلك مطالبات حق أريد بها حق، فالمادة 19 (1) من الوثيقة الدستورية (المغلوبة على أمرها)، تلزم أعضاء مجلس السيادة ومجلس الوزراء وولاة أو وزراء الولايات أو حكام الأقاليم وأعضاء المجلس التشريعي الانتقالي لدى توليهم مناصبهم، بتقديم إقرار الذمة المالية يتضمن ممتلكاتهم والتزاماتهم بما في ذلك ما يتعلق بأزواجهم وأبنائهم وفقاً للقانون. كما تلزم المادة ذاتها في البند (2) رئيسا وأعضاء مجلس السيادة والوزراء وولاة ووزراء الولايات أو حكام الأقاليم بعدم مزاولة أي مهنة خاصة أو أي عمل تجاري أو مالي أثناء توليهم لمناصبهم، ولا يجوز لهم تلقي أي مقابل مالي أو هدايا أو عمل من أي نوع من أية جهة غير الحكومة كيفما يكون الحال..ولكن للأسف تم خرق هذه المادة الدستورية وسفهها حال الكثير من الخروقات التي طالت هذه الوثيقة واحدثت فيها من الثقوب ما جعلها أشبه بالغربال، اذ لم يحفل احد أو يهتم غير قليلين جدا من أعضاء الحكومة السابقة ومجلس السيادة بتقديم كشف حساب بما يملكون ونشره على الملأ، حتى يتسنى مقارنة حالهم ما بعد الاستوزار بما كان عليه قبله، وما يزال الاستهوان مستمرا بهذه المادة المهمة التي تؤسس لدولة الشفافية والنزاهة وطهر اليد وصيانة وحماية المال العام عبر انفاذ مبدأ المساءلة والمحاسبة، لمحاربة الفساد والكسب الحرام وغير المشروع ومقاومة التكسب باسم الوظيفة واستغلال السلطة للتربح، اذ لم نسمع أو نقرأ حتى اليوم أن أحدا من المستوزرين الجدد قد تقدم بما يبرئ ذمته لا قبل أداء القسم ولا بعده، ولا واحد (تكرم) بملء الاستمارة الخاصة بتبرئة الذمة وكشف بكل شفافية ما يملكه نقدا كان أو منقولا أو ثابتا أو أي دخل دوري أو طارئ، مع بيان الاسباب والمصادر التي عن طريقها كسب ما كسب وأقتنى ما أقتنى، رغم أهمية هذا الاجراء لدرء الكثير جدا من الشنشنات التي حامت حول عدد من المتنفذين الجدد والسابقين في الوزاري والسيادي تتهمهم بممارسة انشطة استثمارية وتجارية ما يزالون عليها عاكفين..
المعروف أن العالم كله، من أقصاه إلى أقصاه، قد تواضع على أن يضع الحكام وكبار المسؤولين في أي بلد إقرارا بذمتهم المالية، يسندها قانون يختص بمكافحة ودرء الثراء الحرام والكسب المشبوه وغير المشروع، لا تكاد تجد بلدا خلوا من هذا الاجراء، وهذا الاجماع العالمي على ضرورة أن يطرح كل من ولي مسؤولية ذمته المالية على الملأ، يجعلنا نستغرب من التباطؤ والتلكؤ من الوفاء بمقتضيات تبرئة الذمة في عهد الثورة، اذ لم تنشأ حتى الان مفوضية مكافحة الفساد والثراء الحرام المفترض انها معنية ضمن اختصاصاتها الاخرى بهذا الجانب، كما لم يصدر حتى الان القانون المستمد من المادة (19) الذي يخول لها حق مقاضاة ومحاكمة الممتنعين عن تبرئة ذممهم بجزاءات معلومة ينص عليها القانون..وعليه يجب على كل من للشعب ذمة عليه أن يبرئها أمامه باستلام استمارات إقرار الذمة وتعبئتها بكل صدق وشفافية ونشرها للرأي العام.
***********

صحيفة الانتباهة

Exit mobile version