سهير عبدالرحيم تكتب: تعليم السرقة

أكثر شيء مؤلم خلال الأسبوع الماضي وأكبر فاجعة وأسوأ ما يمكن أن يحدث كان تلك الصورة التي تم تداولها عبر مواقع التواصل الإجتماعي و إنتشرت عبر الأسافير خلال الأحداث الأخيرة بمدينة الأبيض .
تلك الصورة التي إلتقطتها الكاميرا لعدد من طالبات المدارس الثانوية وهن يحملن جوال دقيق عقب الهجمات التي طالت المحال التجارية وأدت إلى سلسلة من أعمال النهب والسلب و التخريب .
صورة أخرى صادمة لطالب بالمرحلة الثانوية أيضاً يحمل حقيبته المدرسية على ظهره و يضع فوقها جوال سكر زنة (٥٠) كيلو ، طالبة أخرى كانت ترتدي زي المدرسة ( اللبني) كانت تحمل عدداً من كراتين الشعيرية و البسكويت المسروقة.
ما ينبغي قوله إبتداءً أن الصور الكثيرة المتداولة للمواطنين من مختلف الأعمار نساءً و رجالاً وشباباً و أطفالاً والتي كانت تحكي عن سرقة ماخف حمله و غلا ثمنه زيت صابون دقيق صلصة لبن بودرة وغيرها لم تكن صادمة أبداً بمقدار صور أولئك الطلبة الذين شاركوا في عمليات السرقة .
ترى أي مفاهيم تلك التي تمت تربيتهم عليها و تم تدريسها لهم ، أي مقررات دراسية أذكت لديهم مفهوم القناعة و الصبر و عزة النفس ، وعدم التسول للآخرين ناهيك عن السرقة .
أي جيل هذا الذي يمد يده لمال الغير ، كم آية في القرآن الكريم و كم حديث شريف و كم قصة من قصص الصحابة رضوان الله عليهم و كم موقف في الحياة و كم درس من الأم والأب يخبرنا أن السرقة حرام وأن : ( الكذب حرام بقطع اللسان من وراء وقدام ) الكذب فقط ناهيك عن السرقة.
أين الف باء التربية أين ألف باء التعليم أين ألف باء الأصول والسلوك القويم و حفظ الأمانة والعهود و إنكار الشينة أين سلوك ( أولاد الناس) …!!
حسناً هؤلاء الذين سرقوا هذه المواد التموينية ماذا ننتظر منهم في المستقبل ، إذا كانت لحظة إنفلات أمني لم تستمر سويعات كانت أكبر دليل على سقوطهم الأخلاقي الكبير في إمتحان اللهم أغننا بحلالك عن حرامك .
ماذا ياترى سينتظر الوطن منهم ، بل ماذا تراهم يقدمون ، نفس رخيصة و عزيمة فاترة و أخلاق مهلهلة و تربية ضحلة ، و تعليم لم يغادر مربع فك الخط ليتجاوزه إلى المفهوم الأعمق التربية قبل التعليم والأخلاق قبل الأكاديميات ، فالذين يبنون الأوطان هم أهل الأخلاق و العلم و ليسوا اللصوص الأغبياء .
أسوأ مافي ذلك الأمر أن هؤلاء الطلاب يعلمون أنه لن تواجههم مشكلة في منازلهم ، بمعنى أن لا أحد سيقرعهم أو يؤنبهم أو حتى يضربهم و يصب جام غضبه عليهم ، لا أحد …!!
يعلمون أنه لا الأم ولا الأب ولا أحد من الأسرة سيعاقبهم على فعلتهم الشنيعة تلك ويسألهم من أين لكم هذا و يطالبهم بإعادة المال المسروق إلى أهله .
خارج السور :
أنها آفة السودان طلاب مدارس يسرقون و أولياء أمور يباركون السرقة و مسؤولين يحرسون اللصوص.

صحيفة الانتباهة

Exit mobile version