معاهدات الحدود السودانية الأثيوبية… وأخواتها …!
هي معاهدات متعددة مترابطة تشمل حدود أثيوبيا مع السودان وحدود أثيوبيا مع أريتريا وحدود أثيوبيا مع جنوب السودان.
بالمناسبة هذه المعاهدات لم تسلب منا بني شنقول وحدها بل كانت لها تعديلات قضمت منا مساحات ليست قليلة منها التعديل على نقطة إلتقاء حدود الحبشة وأريتريا والسودان وهي النقطة التي تعرف في الحدود الدولية بالثلاثية Tripod ، فقد كانت عند التقاء خور شرق أم حجر بنهر ستيت فتم جرها غربا عند مقرن خور الرويان بنهر ستيت وستشعر بالضيم إذا نظرت للخارطة لتجد كم بلدة وكم قرية سودانية خرجت وصارت داخل أثيوبيا أو أريتريا ، وأنصحك ألا تفعل إذا كنت مصابا بالضغط أو السكري.
وهي نفس المعاهدات التي تم الرجوع إلى أحكامها أثناء نظر محكمة العدل الدولية في لاهاي للخلاف بين أثيوبيا وأريتريا في مثلث بادمي فحكمت المحكمة بتبعية المثلث لأريتريا.
وهي نفس المعاهدات التي جعلت جامبيلا الجنوبسودانية 100% وسكانها من قبيلتي الأنواك والنوير جزءا من أثيوبيا.
كلام وكتابات الأثيوبيين أنها معاهدات صيغت أثناء الأستعمار كلام خارم بارم ، لأن من يتتبع تفاصيل التفاوض لتلك الفترة يجد أن الطرف الذي كان حاضرا يفاوض عن نفسه كدولة وكيان مستقل معترف به دوليا هو الحبشة ، وكانت كل المعاهدات يتم التفاوض عليها في أديس أبابا ومع منليك مباشرة.
كذلك تمارس بعض الكتابات الأثيوبية شبه الأكاديمية تدليسا حين تدعي أن المعاهدات لم يتم المصادقة Ratification عليها من طرف الحبشة.
المصادقة ممارسة كانت تتم من قبل الدول الأوروبية ذات الحكم المؤسسي والتي كان لها برلمان ومجلس وزراء ، فتقوم هذه المؤسسات بمراجعة نصوص المعاهدة التي صاغها ووقع عليها ممثلهم المقيم في أديس أبابا للتأكد من أنه لم يتجاوز صلاحياته ، فتتم المناقشة والمصادقة عليها صعودا إلى الملك.
أما في الحبشة فقد كان التفاوض مع منليك مباشرة وكان نظام حكم فردي مستبد Depotism ، وعليه في اللحظة التي كان منليك يضع ختمه على المعاهدة فقد كانت تعتبر مصادقةRatified لأنه كان السلطة التي لا سلطة فوقها ولم يكن هناك برلمان ولا مجلس وزراء.
هناك كتابات تزعم أن منليك لم يوقع على المعاهدة.
منليك لم يكن يوقع بل كان يضع خاتمه الملكي … وخلاص.
بعد هزيمة الإيطاليين في معركة عدوة المشهورة سنة 1896م أرسلوا مبعوثا أسمه دكتور نيرازيني Nerazzini وقع معاهدة سلام مع منليك اعترفت ايطاليا فيها بالحبشة دولة مستقلة واعترفت فيها الحبشة باستعمار إيطاليا لأريتريا.
الرسام الإيطالي الذي وثق اللحظة أتقن إظهار منليك ممسكا بختمه بينما الإيطالي يوقع.
حين يختم منليك أعلى سلطة فقد قضي الأمر بالنسبة للحبشة.
أما نيرازيني Nerazzini فقد كان يحمل نسخة إيطاليا من المعاهدة ويعود بها لبلده وهناك تبدأ بالمرور خلال سلسلة الإجراءات عبر هياكل الحكم وهي إجراءات المصادقة Ratification.
كمال حامد 👓