يوسف السندي يكتب حسم الفوضى

بلغت الفوضى في بعض المدن ان تم نهب الأسواق نهارا جهارا !! المواطنات والطالبات شاركن في هذا النهب كما حملت الصور والفيديوهات، وهو ما يدل على ان هذا النهب لم يكن نهب فزع ولا إنعدام امن، فالمرأة دوما تبتعد بغريزتها الطبيعية عن أماكن الفوضى الأمنية لتحمي نفسها واطفالها، ولكنها هنا ظهرت بكل سلام واريحية تحمل شوال سكر او كرتونة او دقيق وتمضي بسرقتها وسط عشرات الحرامية الذين نهبوا متاجر البسطاء الذين تعبوا وكدحوا حتى صنعوا هذه التجارة.

هذه الصورة البائسة والمشوهة لمواكب السرقة والنهب بالتأكيد ليس وراءها ثوار، فالثوار كانوا يحتلون الأسواق لاشهر عدة بالمواكب ويجولون وسطها بالملايين ومئات وعشرات الآلاف ولم يتم نهب علبة صلصة! بل حتى الاضرار التي كانت تنجم عن رباطة النظام البائد على السيارات كان الثوار يتدافعون ثمنها ويعوضون المواطن المتضرر، فالعين الأخلاقية الثورية ظلت يقظة والضمائر صاحية اثناء الثورة، لا تسمح لأحد بأن ينهب او يسرق او يعتدي على مال مواطن، فمن أين أتى هؤلاء؟ من أين جاء أهل التخريب والنهب والسرقة؟!

هذا النهب وهذه الفوضى مدبرة ومخطط لها، وليس مستبعد انها من ضمن سلسلة عمليات تستهدف كل مدن السودان لاحداث انفلاتات أمنية تقود المواطن إلى كره حكومة الثورة والحنين إلى عهد الكبت والكرباج والرصاص، حين كانت مظاهر كهذه لا تواجه الا بالرصاص الحي فيموت مئة أو ألف لا يهم، المهم أن لا تهتز ارجل الكرسي، كرسي الحكم والدكتاتور. وهي محاولة من النظام البائد لإشعال الحرائق في البلد وزيادة الأزمات حتى تخرج الجماهير على حكومتها أو يقفز على السلطة عسكري وفي كل الأحوال سيخرجون هم من المخابيء والسجون ويعودون للنشاط، ولكنهم ينسون أن هذه الفوضى اذا خرجت عن السيطرة فلن يجدوا هم ولا غيرهم وطنا يخرجون فيه وينشطون، بل سيتمزق هذا الوطن اشلاءا وأشلاء.

يبدو ان الايادي الخبيثة تعمل في الخفاء بهمة وتنظيم دقيق لهدم الثورة وايقاف التغيير، على حكومة الثورة ان لا تكون حكومة لينة ولا هينة، بل عليها ان تكون حكومة حازمة، عليها ان تبرز انيابها للمخربين والحرامية، وأن تفرض هيبتها وصرامتها وعدم تهاونها في حفظ الأمن وإعمال القانون، فالمهمة الأولى للحكومة في أي بلد هي إحكام القانون وتنفيذه وحفظ النظام، اذا فشلت الحكومة في هذه المهمة فهي لا تستحق ان تكون حكومة، فأين ستنفذ الحكومة برامجها وخططها اذا انتشرت الفوضى واختفى النظام والقانون؟!

Exit mobile version