(5) وزراء .. لماذا جُدِّدَت فيهم الثقة؟

أبقى رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك على خمسة وزراء من حكومته السابقة، هم وزير العدل نصر الدين عبد الباري، ووزير الشئون الدينية والأوقاف نصر الدين مفرح، وانتصار صغيرون وزيرة التعليم العالي، ووزير الري ياسر عباس، ووزير الدفاع الفريق ياسين إبراهيم، فيما تم تحويل وزير الحكم الاتحادي يوسف الضي إلى وزارة الشباب والرياضة.

ويعني استمرار هؤلاء الوزراء وتمسك كتلهم السياسية أو مؤسساتهم وحمدوك باستمرارهم في التشكيل الجديد للحكومة الانتقالية يعني أن هناك جملة معطيات سياسية تدعم ذلك، ولكن ربما ذهب البعض إلى تفسير آخر بأن الناجين من مقصلة التغيير خدمتهم بعض الظروف والاعتبارات الموضوعية لصالح استمرارهم، بالتالي السؤال الذي يطرح نفسه ما حقيقة تلك الظروف التي أدت لاستمرار بعض الوزراء؟

تغييرات متعارف عليها

الوزارات التي تم الإبقاء عليها ذات خصوصية، ولكنها ترتبط ببعضها البعض في السياسات، ويرى المحلل السياسي د. أبوبكر آدم، أن معظم المشاكل التي وقعت فيها قوى الحرية والتغيير أو الحكومة الانتقالية أن الفجوة بين الوزارات محددة منها وزارة التربية والتمدد الذي أحدثه القراي من خلال المناهج والإشكاليات التي أحدثها في المجتمع مما دفع إلى مطالبات واسعة لإبعاده، وهي مطالبات من رجال دين ومجتمع بسبب المنهج الذي كان سبباً في الفجوة التي بدأت بين المجتمع والحكومة.

وأكد آدم أن وزارة التربية مسؤولة عن تربية النشء، كان لابد من الاحتفاظ به لتمرير تلك الأجندات التي تخدم جهة واحدة.

أما وزارة الشئون الدينية فشبيهة بوزارة التربية، والآن الصدام بين التيار الصوفي أو المعتدل لتوجّه الدولة نحو العلمانية تلك التيارات تدعو إلى تغيير المجتمع الملتزم أو دمجه مع ديانات أخرى بعيداً عن مناخ الحوار، وقال: الآن يحاول مفرح التعامل مع كافة أصحاب الديانات الأخرى، مع أن هذا الاتجاه تم رفضه من المجتمع، ولكن الحكومة الانتقالية مصرة على الاحتفاظ بالوزارة لتحقيق أجندات.

أما وزارة العدل فتعتبر المشروع الحقيقي لكل القوانين التي تمر عبر بوابة الوزارة، وبالتالي كان من الضروري المحافظة على من يدير الوزارة وفق الرؤية الجديدة للمرحلة الانتقالية، بالتالي هذه الحقائب تمرر عبرها الحرية والتغيير أجندتها لتغيير المجتمع، ولذلك طبيعي أن يحافظ وزراء تلك الوزارات على حقائبهم، وإذا نظرنا نجد أن هناك خيطاً يربط بين العدل والتربية، ووزارة الشئون الدينية، خاصة في سن وتعديل القوانين ولذلك هي ثلاث بوابات صعب التنازل عنها.

تصرف بعقلية

ويقول القيادي بالجبهة الثالثة تمازج أحمد عبد المجيد: واضح من خلال النسخة الثانية من الحكومة الانتقالية أنها حملت أكثر من وجه، الأول: ما حدث من خرق في ميثاق حركة العدل والمساواة، وما لم تتصرف الحركة بعقلية وتتدارك الأمر ستكون له آثار كبيرة، وقال: الأسماء المطروحة من قبل الحركة في التشكيل ولم تعلن سينعكس سلباً على علاقة الحركة بالحكومة وستكون هناك عقبة، وعلى فكرة القوانين الجبهة الثورية، وهو مؤشر واحد. وأضاف لـ (الصيحة): المؤشر الثاني: احتفاظ بعض الوزراء بمواقعهم مثل وزيريالعدل والشئون الدينية بسبب أن لديهم مرونة زائدة في القضايا التي تصدوا لها، وهي تمثل قضايا المرحلة ومشروع الحكومة الانتقالية الذي افتقده حمدوك في معظم وزرائه، مما دعا إلى وجود برامج للحكومة الجديدة تعبر بها الحقبة المقبلة من الفترة الانتقالية.

وقال عبد المجيد: في احتفاظ الوزراء بمواقعهم مؤشر لوجود رؤية للحكومة في هذا المنحى ما كانت مكتوبة، ولعل المرونة التي أبداها الوزراء هي التي ساعدت في إعادة الثقة فيهم.

إيجابيات واضحة

ويرى عبد المجيد أن تعلق الوزراء الثلاثة بالشق الديني والتشريعات التي طرحت بشكل جريء تصدى له هؤلاء الوزراء رغم وجود سلبيات وإيجابيات في بعض القضايا، ولفت إلى وجود قضايا تحتاج إلى مشورة لتحقيق العدالة الاجتماعية، وربما رأى حمدوك في هؤلاء أنهم يحملون توافقاً سياسياً، وبالتالي من الصعب الدفع بهم خارج التشكيل الوزاري.

أما وزير الري ياسر عباس الذي احتفظ بمقعده أنه قدم أداء جيدًا في ملف المياه وسد النهضة على وجه الخصوص، بجانب أنه من العناصر الفنية المستقلة، هذا إذا أضفنا إليها وزيرة التعليم العالي انتصار الزين صغيرون، فإنه يمكن تسميتهم وزراء لوضع انتقالي.

أما وزير الدفاع الفريق ياسين إبراهيم وكعادة وزراء الدفاع يعملون في صمت، إلا أن أهم ماقام به بعد تسلمه مهامه في منتصف الفترة الانتقالية وبعد رحيل وزير الدفاع الأسبق جمال عمر، فإن ياسين استطاع أن يقود المؤسسة العسكرية بكل حنكة، وما قضية انتشار القوات المسلحة في منطقة الفشقة ببعيدة، فاستطاع بها إعادة هيبة الجيش، الأمر الذي وجد استحساناً من كل السودانيين.

قد يكون من أهم سمات أولئك الوزراء لبقائهم في “ديسك” الحكومة، تلك الرونة والتعامل، ومنتظر منهم أن يواصلوا بذات المسير لتحقيق برامج الحكومة وإنزال ما تبقى على أرض الواقع.

تقرير: صلاح مختار
صحيفة الصيحة

Exit mobile version