(1)
شهدنا طوال عمرنا المسربل بالمصائب، والمتدثر بالأزمات والكوارث والتي هي من ماكسبت أيدينا، شهدنا أنواع واشكال مختلفة من الميزانيات والموازنات المالية لدولة السودان، فقد شهدنا ميزانية الطوارئ، وميزانية البرامج ، و ميزانية الثلاث ورقات، مثل لا زيادة في المرتبات، ولا ضرائب جديدة ولا تحرير للوقود، وكنا نرجو أن تكون هناك ميزانية توضع خصيصاً من أجل تسديد ديون السودان الخارجية والداخلية، وهي ميزانية لا شك أنها حلم بعيد المنال والتحقق!!
(2)
فقد شهدنا وحضرنا بتوفيق من الله وعونه، تلك الميزانيات وغيرها، والله تعالى أعطانا الصبر والسلوان على التعايش معها وتحمل كل تبعاتها، ولكن ميزانية هذا العام2021، هي نسيج وحدها وفريدة عصرها (مين فريدة دي)؟ودرة زمانها، والتي لم تبلغ من العمر إلا أيام معدودات، وظهرت نتائجها الكارثية من قولة (تيت) ومنذ صافرة البداية، واذا كانت هذه هي البداية، فكيف تكون النهاية، ؟والميزانية لم تبلغ ربع العام الأول لها.
(3)
ان هذه الميزانية وبقلب مازالت فيه بقية من (نفس) أو انفاس معدودة، يمكن ان ندللها وندلعها ونطلق عليها لقب ميزانية الشروع في قتل المواطن السوداني!!فماذا تسمى زيادة تعرفة فاتورة الكهرباء الى 500%والتي هي بالضرورة ستقود معها إلى زيادات في كل مجال خدمي أو استهلاكي، فماذا تسمى هذه الميزانية غير ميزانية الشروع في قتل المواطن السوداني؟وماذا تسمى رفع الدعم عن الوقود وحتى الذي يسمونه خدمي، ومعلوم بالضرورة تبعات ذلك الرفع على حياة المواطن الذي شرعت الحكومة المدنية الانتقالية في قتله بالموت البطيء، ؟ولم تنته عجائب الميزانية، فقررت ونفذت هيئة المياه في الخرطوم وبقية الهيئات بالولايات السودانية (الغير متحدة) رفع تعرفة الاستهلاك، ولسان حالهم يقول (اشمعنى احنا فاتورتنا ثابتة ليها سنوات، خلونا نرفع فاتورتنا مع الرافعين) ونصيحة لأي جهة حكومية او خاصة، لم تقم بعد برفع أسعار خدماتها، فعليها الإسراع في رفع أسعارها، فلا تفوتوا الفرصة، فالمولد موجود، وصاحبه حاضر كالغائب.
(4)
وهذه الميزانية التي تحولت إلى موازنة، رأينا كيف انها فاقمت وزادت من تدني قيمة الجنيه السوداني، وتآكله من كل الأطراف، فذهبنا لعياداته أي زيارته، والدعاء له بالشفاء من التضخم والانهيار والضعف والوهن، فقلنا له:لا بأس عليك!!فنظر الينا نظرة مودع، ومفارق للجماعة، وبصوت خافض قال:أي بأس أعظم من حقارة الدولار الأمريكي لي؟فلم نستطع الرد عليه لأننا نعلم تلك الحقارة التي يمارسها الدولار على الجنيه، وعلى مدار الأربعة وعشرين ساعة!! بينما الحكومة وجهازها وطاقمها الاقتصادي، يصر إلحاحاً على وضع أيديهم الناعمة والطرية في الماء البارد، بينما على المواطن الذي لم تقض عليه (موازنة الشروع في القتل، )بعد، فعليه أن يأكل ناره!!
طه مدثر – صحيفة الجريدة