وصل الناس (معظمهم) في بلادي الي قناعة ان الحكم الأحادي العسكري (وان التحف بايدلوجيه مدنية)،لن يستطيع أن يحقق رغباتهم في الحرية السلام والعدالة.
دفع الشعب ثمنا غاليا في حراك طويل، لاسقاط خصم عنيد مراوغ، واستبشر بعملية التغيير خيراً.
الخطاب السياسي غير الواقعي ساهم في رفع توقعات الناس للتغيير، فأصبح هتاف (ح تسقط وح نعرس كنداكه) واحد من العديد من الشعارات المبدعة التي تعكس رغبة الشباب في الاستقرار والتطور والحياه الكريمة. وأصبح التغيير الي المدنية في ذهن الكثيرين يعني جسراً من النار الي الجنة..
لن نخدع أنفسنا، فنطرح اننا استطعنا هزيمة النظام الفاسد كله، لقد صرعنا جزء منه وتشكلت علاقة (بفقه احسن الممكن المتاح) مع المكون العسكري الذي كان جزء من النظام السابق وممارساته..
لدينا امآل بأن هناك أفق للتغيير، بمعنى ان هذه التجربة المدنية يجب أن يكون أحد اهم أهدافها هو الترويج للحكم المدني وتزينه، وجعله ناجحا كتجربة في واقع الشعب..
مايحدث حاليا من تجربة للحكم المدني (في الأداء العام) يمكن وصفها ب ( الماسوره).
لقد ضاق عيش الناس، واشتدت عليهم الازمات، والوضع المعيشي الان أسوأ مما كان عليه قبل سقوط البشير.
طبعا لا استطيع القول ان سبب ذلك فقط هو تآمر الدولة العميقة، هناك مساحات للعمل و تقصير بالجملة فيما يخص جانبنا المدني.
وبالتالي لا استطيع الجزم بأننا مطمئنون بأننا في الطريق الصحيح، ولا الوصف بأن هذه ازمة عارضة مرحلية، ستاتي بعدها أعوام فيها يغاث الناس ويعصرون..
ولكن بحكم تركيبتنا الثقافية الدينية، ( فإن النية زاملة سيدها)، ( تفاءلوا بالخير تجدوه)، فليس أمامنا الا الأمل والعمل والرجاء في ان تنهض هذه البلاد الطيبة..
وكما قال الإمام الصادق المهدي فيما اسماه (بركة الثوره السودانية)، وان كان العقل يقول شيئا اخر..
وبما ان الامور تسوء، فإن للعسكر قولا اخر فنفوسهم تراودهم دوما بأن يكونوا في الرئاسة والقيادة.
ولكي اكون امينا، فهي فعليا الان في القيادة، وقد مدوا ارجلهم كما ابا حنيفة، وهم يرون تخبط وضعف قدرات القيادات المدنية السياسية و حاضنتها السياسية قحت..
وزاد من تعقيدات المشهد، التدخلات الإقليمية والدولية، كل يبحث عن مصالحه في هذا البلد الذي يعرف قدره العالم ونجهله نحن..
واصبحنا مسرحا مميزا للقوي الاستخبارتية والأجنبية بواجهات ومداخل مختلفة.
وبالتالي فإن الخلاصة تكون كالآتي :
اذا صبرنا على شكل ادارة الدولة بادائها الحالي، فإن الفشل هو غالب الظن هو النتيجة.
وإن سعينا في مسار تصحيحي، فإن العسكر قد يتربصون بنا إلى انقلاب كامل الدسم..
وأعتقد أن التخويف بالانقلاب هو ايضا سلاح لبعض القوي المدنية في خطابها للجماهير، فبدلا ان تسعي الي تصحيح أخطائها، ترفع خيرزانه البديل العسكري، فننزوي..
ومابين هذا وذاك، يكتوي الكثيرون وهو يمدون حبال الصبر طمعا في ان يتحسن الحال..
والي ان تحل تلك المعادلة، فإننا سندعم حكومة حمدوك، ليس لانه حمدوك، ولكنه يشكل رمزية الدولة المدنية التي نرغب ان تكون جسرا الي الرفاه الاقتصادي والتنمية الاجتماعية..
وكما استعان البرهان بقياده جيشه كحماية له من تصرفه غير المدروس وطنيا بمقابلة نتنياهو، (وان كان الأمر يشوبه كثير من الغموض فيما يتعلق بمعرفة بعض المكونات المدنية بتلك الخطوة).. ..
فإننا سنخرج الي الشوارع دعما للحكومة المدنية، ودعوة الي استكمال هياكلها (بشكل صحيح)..
واقول بشكل صحيح، لأن تشكيلها بشكل خاطئ، سيكون وبالاً اخر..
وبدلا على أن يكونوا نجعا سيكونون وجعا.
سيدعو البرهان ناديه، وسندعو نحن لجان المقاومة، وابناء شعبنا المخلصين..
وستمتلئ الشوارع مرة اخرى، وكل ذلك تمريرات لكرة المبادرة الخلاقة للحكومه منفردة امام مرمى العسكر او المدنيين الذين يقفون ضد مصالح الوطن..
عسى ولعل، فللمبارة زمن..
صحيفة الانتباهة