في الأسابيع الأخيرة من يناير الماضي نجحت مجموعة وول ستريت بتس من إحداث اختراق كبير ضدد كبار المضاربين وصناديق التحوط hudge fund في البورصة الأمريكية وذلك من خلال العمل من موقع redidt للتواصل الاجتماعي حيث حشد صغار المستثمرين في موقع التواصل الاجتماعي لشراء أسهم شركات خاسرة مثل شركة قيم ستوب شركة العاب كمبيوتر كادت أن توشك على تسريح الآلاف العامليين ولكن إستغلال تجار التجزئة للتواصل الاجتماعي لشراء أسهم قيم ستوب عبر تطبيق robinhood للتداول بكثافة حقق للشركة ما يقارب ٦ مليار دولار وقفز سعر سهم الشركة لأعلى وحدث كل ذلك في غضون أيام بسيطة وقلبت الأغلبية الفقيرة من المضاربين المعادلة عبر تطبيق روبن هوود في البورصة الأمريكية وتستمر ذات المجموعة في شراء أسهم شركات أخرى مشابهه لشركة game stop عبر عدة تطبيقات لشراء الأسهم، وهكذا تفرض الشعوب إرادتها باستغلال الوسائل المتاحة لها لهزيمة كبار المضاربيين والسمسارة والمحتكرين والمسيطريين في حركة السوق اليوم.
تهاوي الجنية السوداني في الأسابيع القليلة وما زال أمام العملات الأجنبية بصورة كبيرة ولذلك تداعيات خطيرة على الحياة الاقتصادية ومعاش الناس والتحرك الحكومي محدود ومحكوم وليس للحكومة عصى سحرية في الوضع الآن لإيقاف ذلك التدهور لتهاوي الجنيه السوداني وفي تقديري الحكومة خياراتها للتعامل مع الأزمة الحالية محدودة في البحث عن الموارد الذاتية والمتمثلة في دولار المغتربين وكيفية إدخاله للجهاز المصرفي والقنوات الرسمية بدلا عن السوق الموازي وتحجيم اقتصاد الظل وهذا يتطلب آليات كثيرة أهمها دراسة كل التجارب السابقة بعناية والاستفادة من الإخفاقات التي حدثت وحالت دون تحقيق الاستفادة من تحويلات المغتربين السودانيين وتعد قيمتها أكبر من حجم الاستثمار الأجنبي المباشر واكبر من حجم المساعدات وغيرها، هذا بالطبع إذا تمكنت الحكومة من إدخالها عبر التحويلات المالية الرسمية.
كذلك اري من الحلول التي أمام الحكومة ترشيد المتوفر من العملات وحصائل الصادرات والتمكن من إستجلاب ودائع مليارية من العملات الصعبة من الخارج وهذه في ظني حلول مؤقتة في ظل تداعيات جائحة كورونا وتحديات زيادة الإنتاج والصادرات إذا أخذنا في الاعتبار أن الصرف على التنمية في الموازنة العامة للعام 2021 ضعيف جدا مقارنة بالصرف الجاري والإنفاق العام لإختلالات هيكلية ومعروفة في الاقتصاد السوداني ولا يمكن بالطبع الخروج منها بسهولة وإنما بالتدرج لاعتبارات تتعلق بمحددات مجتمعية كثيرة وخطيرة وهذه الاختلالات لترابطها مع قوة الجنية السوداني مستقبلا نحتاج إلى خطة مرتبطة بمدى زمني محدد ووضوح تام من الحكومة ومكوناتها مع الشعب السوداني .
السؤال الذي يطرح نفسه هنا بقوة هو أين الدور الشعبي على نهج صغار المستثمرين الأمريكيين wallstreetbets الشعبويبن في تغيير المعادلة لصالح الجميع عبر robinhood ما المشكلة أليس لنا سوشيال ميديا ساهمت في التغيير ووصلت كل الناس، وإين الوعي الثوري للشعب السوداني في دعم الجنيه السوداني ودعم الاقتصاد الوطني بعد رفع القيود والعقوبات الأمريكية الجائرة، أين السودانيين والناشطين الذين تظاهروا في كل عواصم العالم من أجل التغيير والتحول لنظام يحقق العدالة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ويحقق للسودانين واقع يليق بهم ، وإين الحاضنة السياسية التي لا تجيد الحضانة! بقدر ما تجيد التنظير والتأخير.؟
السودانيين في الداخل يجب أن يعلمون أن شراء الدولار لحفظ قيمة مدخراتهم أو لتحقيق أرباح هذا وهم نقدي Money illusion ليس إلا وان عليهم قياس القيمة الحقيقة لنقودهم مقابل أسعار السلع والخدمات وليس القيمة الاسمية وقياس التضخم الناتج من تهاوي سعر الجنية وقوته الشرائية وهذه دائرة شريرة يتحرك في داخلها الكل بدراية أو بدونها وتؤدي في النهاية إلى الانهيار التام لا قدر الله وكذلك الحكومة التي لا تعمل على وضع شعبها في مسار النهضة والوعي لن تعبر ولن تصمد .
كما أن السودانيبن في الخارج يجب أن يعلمون أن تدهور عملتهم الوطنية لا يعني زيادة مداخيلهم وإنما بقائهم في المنافي وعدم مقدرته على استثمار مدخراتهم وأنهم ليس سوا أدوات للإنفاق لاهلهم في الداخل وعليهم إدراك ذلك والعمل عبر تكتلاتهم المختلفة على ضرورة استقرار إقتصادهم الوطني وضرورة دمج اقتصاد المهجر في الاقتصاد الوطني بكل التجارب التي اكتسبها المغتربين السودانيين في الخارج .
أخيراً اعتقد ان الحل الأسهل والمعقد أيضا هو تحويلات وموارد المغتربين السودانيين لبناء احتياطي عملات أجنبية للبلد وأرى ان تتوجه الحكومة عبر جهاز المغتربين والجهات ذات العلاقة في كيفية إقناع 2 مليون سوداني مغترب على سبيل المثال يايداع 3 الف دولار فقط أي ما يعادل 6 مليار دولار إيداع مباشر أو من خلال أدوات استثمارية جاذبة وغيرها.
أيضاً لماذا لا تعمل البنوك السودانية بعد رفع العقوبات علي استحداث أدوات تمكنها من جذب تحويلات المغتربين مثل استخدام الفيزا كارد وغيرها من الأدوات التي تمكن المغتربين من إستخدام حساباتهم في البنوك السودانية لشراء حاجاتهم وقضاء معاملاتهم من مناطق تواجدهم في المهجر عبر البطاقات الذكية وكذلك فتح نوافذ في الخليج وأوروبا وأمريكا وغيرها من مناطق الثقل للمهاجرين السودانيين.
صحيفة السوداني