سألني احد الصحفيين عن ردي علي بعض ماورد حولي من بعض أعضاء قيادات الحرية والتغيير في سياق الصراع الذي يتم حول تشكيل الحكومة الانتقالية في السودان؛ ردي بشكل عام انصب على أن الرفاق وان أخطأوا في حقنا فلن يكونوا محل عداوتنا، إن مكان عداوتنا هو محفوظ لمن يشكلون خطراً وتهديد لعملية الانتقال في السودان، فالذين جمعتنا بهم رفقة الايام الصعبة مهما اختلفنا وتباعدت خطانا فإن ما يجمعنا أكبر، لا يمثل الأمر اي مثالية أو تطهر زائف بل هي الواقعية في أوضح تجلياتها.
إن استعراض تجاربنا الديمقراطية التي لم تكتمل يضعنا امام نواقض استمرارها ومن أهمها التشاكس بدلاً عن الصراع الخلاق بين مكونات النظام الديمقراطي، تختلف مكونات البلاد السياسية ويتفوق التكتيكي على الاستراتيجي،. تتعاظم خيبات الشعب في قيادته السياسية في تناخر قادته واختلافهم فيصبح المسرح السياسي قابلاً للمغامرة السياسية والانقلاب، ولا يجتمع القادة الذين اراقوا دم التجربة الديمقراطية الا مرة أخرى في سجن كوبر لتبداء تحالفاتهم وحواراتهم ونضالهم مرة أخرى من أجل استعادة الديمقراطية .
لقد نجح الشعب السوداني بعد كفاح عظيم في استرداد حريته، لقد كان نجاحه نتاج لوحدته أمام الطاغية وشرط إكتمال عملية الانتقال واستمرارية التجربة الديمقراطية هو قدرتنا على التمييز بين أعدائنا وحلفاؤنا، لن يكون أي من أفراد ومكونات المعسكر الساعي للتحول الديمقراطي مناط لحربنا أو سهامنا نختلف ونتفق ويجمعنا في النهاية امال واحلام الشعب السوداني في إكمال الانتقال الديمقراطي.
في ديمقراطيتنا الرابعة التي نيمم وجهنا نحوها تواجهنا تحديات غير مسبوقة فالنظام الذي أسقط تبقت تحالفاته ومافيته الاقتصادية والكثير من الذين يبطنون الولاء له ويتحدثون عن الثورة والتغيير،و لا بفوتون فرصة لفرض الخناق الاقتصادي والسياسي علي الشعب السوداني، وتتهددنا مخاطر إقليمية ودولية بالمقابل فإن مسار الفترة الماضية شهد صراعات وانقسامات لا فائدة تجني من استمرارها، لا يوجد شيءٌ يستحق أن يكون مهره انقساما بين مكونات الثورة في السودان، وفي تجربتنا ما يعظ بضرورة أن ننتبه لذلك، وان نكون بقدر تطلعات شعبنا الذي أعطى كل شيء ولم يحصد إلا القليل.
مدني عباس مدني *
وزير التجارة السوداني
كوش نيوز