عندما يحذّر مناوي الشعب عن عودة نظام الإنقاذ ويحاضرنا عن ضرورة المصالحة مع الإنقاذيين فاعلم أن هناك مشكلة و(كفوة) لحقت بمسار الثورة..! وكل ذلك معلق برقبة قوى الحرية والتغيير وعضوية مجلس السيادة والحكومة التي منحت بعض شخوص الحركات المسلحة العائدة اهتماماً أكبر من إحلال السلام مع المواطنين ومن إنجاز مطالب الثورة..! كم استبشر الناس بعودة قادة الحركات إلى وطنهم والمشاركة في دعم الثورة ومدنية الحكم وتثبيت أركان الحرية والعدالة والسلام ولكن…(أوعى تقوللي تاني/ ما بنعيش بدونو)..! فقد كان الغالب في تصرفات كثيرين من هؤلاء القادة تضرب هذه التوقعات في الصميم وتحيلها إلى غصص في الحلوق وخيبات أمل راكبة على ظهر جمل..حيث غلب على تحركاتهم وتصرفاتهم وتصريحاتهم بعد وصولهم إلى الخرطوم ما هو أقرب إلى الضرب (في الرُّكَب) وما هو أدنى إلى التثبيط ومكايدة الحكومة المدنية وقوى الثورة وشبابها..وكانت في غالبها تصرفات وتصريحات وإشارات سالبة تضمر معاداة غير خافية للجسم المدني في سلطة الانتقال وتشير إلى (اصطفاف جديد) بجانب أطراف من المكوّن العسكري أظهرت معاداتها للثورة..كما بدرت من بعض قادة هذه الحركات مواقف تكشف عن ميلهم إلى (عسكرة الدولة) بما يتعارض مع (مدنية السلطة)..ومثل مناوي آخرون ممن أرادوا بأحاديثهم المتعالية تعليم الشعب الذي صنع الثورة ما هو مطلوب منه.. ويمثل هذا النوع من المحاضرات السيد جبريل إبراهيم الذي أصبح التشكيل الوزاري هو الموضوع الذي يستأثر باهتمامه في النوم والصحيان بجانب إلقاء دروسه على الشعب عن دور القوات المسلحة في الوطن وكأنه لم يكن حرباً على القوات المسلحة قبل الثورة..! ولكنه يريد أن يشير إلى موقفه الجديد ويرسل رسائل إلى (حلفائه الجُدد).. كما يريد أن يستثمر في الخلاف بين المكونين العسكري والمدني في سلطة الانتقال.. وما كان أحراه أن يحتفظ بنصائحه التي يلقي بها على الشعب والقوى السياسية..فالشعب والقوى المساندة للثورة تعرف دور الجيش الحقيقي عندما يتعافي الوطن من مخلّفات الإنقاذ..ولا تحتاج إلى هذه (النصائح المضروبة) التي تنضح بالكراهية المُضمرة للحكم المدني ومحاولات تثبيط همة الثورة.. ويُضاف إلى ذلك حديثه من (مكرفونات الخرطوم) عن ضرورة وقف العنف والاقتتال القبلي بدلاً عن وجوده هناك في مواقع العنف والاقتتال التي يقول إنه يمثلها .. هناك حيث تحتاج هذه المناطق العزيزة من الوطن إلى جهود أبنائها وجيشها من أجل التهدئة ومنع الاحتكاكات وإزالة الاحتقانات..ولكن جبريل تماماً مثل رفيقه مناوي الذي أصبح لا يتحدث إلا عن (المصالحات الوطنية) التي يحاول أن يغطي بها على الذين يقصدهم بالمصالحة وهم الإنقاذيون الذين يسميهم بالإسلاميين..!
هذا هو حصاد عودة جبريل ورفيقه مناوي وآخرين من (حملة الحقائب)..وفي هذا إشارة وعنوان لما سيكون عليه الحال بعد تشكيل الحكومة الجديدة التي يريدون تحويلها من حكومة مهام إلى (طاحونة مقلوبة) تجذبنا إلى الخلف.. وكلا الرجلين لم يبديا تحركاً فعلياً لحماية المواطنين في مناطق الصراع يضارع اهتمامهم بالمناصب والكوتات ومصالحة جماعة الترابي والبشير..وكلاهما يتحدث بتكرار عن (مجلس الشركاء) الذي ألقوا صنارتهم و (شرّكوا) له ليجعلوه بديلاً عن قوى الحرية والتغيير وشباب المقاومة.. وبلع الآخرون الطعم..! فهما لا يكفان عن تكرار اسم هذا المجلس الخديج (جنا سبعة) حتى يصبح (بالعافية) الحاضنة الشرعية للثورة.. فما رأي قوى الحرية والتغيير والأحزاب السياسية والحكومة في هذه (الهجمة المرتدة) التي تريد أن تحشر العصي في (ساقية الثورة) وتمنعها من الدوران..؟!
صحيفة السوداني