:: الرابع من فبراير، هل يكون الموعد الأخير لإعلان الحكومة الجديدة، بشقيها السيادي والتنفيذي، حسب قرار مجلس شركاء الحُكم، أم على الشعب أن ينتظر عاماً آخر؟.. وبالمناسبة، فإن قدر شركاء الحكم في بلادنا، منذ حكومة ما بعد الاستقلال، وحتى حكومة ما بعد الثورة، هو ألا يتفقوا إطلاقاً في كل القضايا، يما فيها قضية تشكيل حكومتهم، ليدفع الشعب الثمن بؤساً وتردياً في كل مناحي الحياة..!!
:: ولعلكم تذكرون، بتاريخ الأحد 8 سبتمبر 2019، أدى وزراء حكومة حمدوك القسم.. وبتاريخ 9 يوليو 2020، قدم وزراء حكومة حمدوك استقالاتهم، ليقبل حمدوك استقالة (6 وزراء)، ويعفي سابعهم – وزير الصحة – الذي رفض تقديم الاستقالة.. وكان هذا أسرع تعديل وزاري في تاريخ السودان الحديث، بحيث لم تُكمل حكومتهم العام عملاً، ليغادر الوزراء بخفي حنين، أي بلا إنجازات أو (خبرات)..!!
:: ومنذ ذاك التاريخ، 9 يوليو 2020، وحتى يومنا هذا، يعمل نصف الجهاز التنفيذي بالتكليف.. المالية، الصحة، الزراعة، وغيرها، رغم أهميتها، عجزت الحكومة عن إيجاد البدائل منذ 9 يوليو 2020.. وكان الوعد بأنها حكومة كفاءات، ولكنها حكومة محاصصات.. ولو لم تكن كذلك لما تصارع شركاء الحكم على المقاعد، وكل هذا التأخير مرده صراع حول المقاعد..!!
:: لقد أخطأ تجمع المهنيين بتسليم مفاتيح السلطة للأحزاب، إذ كان عليه أن يكون شريكاً مع العسكر في (حكومة مهام محددة)، لا علاقة لها بالأحزاب والحركات، وكثيراً ما نصح البعض تجمع المهنيين بأن يجنبوا السلطة للأحزاب في هذه المرحلة.. وللأسف، تجمع المهنيين لم يعمل بالنصح ويُبعد مصير الفترة الانتقالية عن أجندة الأحزاب، بل سلم الفترة الانتقالية – بكل مخاطرها – للأحزاب، وكان هذا التسليم مثار عجب ودهشة وغضب الثوار..!!
:: ولكن عندما عرف الثوار السبب بطل العجب، إذ كشفت الأيام بأن تجمع المهنيين ذاته ما هو إلا واجهة من واجهات الأحزاب، بدليل انشطاره إلى تجمُّعيْن متنافرين، أي مثل قوى الحرية وحركات الجبهة الثورية.. نعم، كما يتجلى عجزهم في تقديم المرشحين لرئيس الوزراء ليشكل بهم حكومتهم، فإن السادة بقوى الحرية والجبهة الثورية، كما شباب تجمع المهنيين، لا يميزهم غير (التنافر)..!!
:: قد لا يعلمون بأن التمادي في التنافر لن يكون مُجدياً، وأن الصراع حول المكاسب الحزبية لن يؤدي إلى الاستقرار ثم الانتخابات.. ويبدو أن السادة لم يتعلموا من دروس ثورة أبريل وحكومتها الديمقراطية.. ليت السادة بقوى الحرية والجبهة الثورية يتعظوا من مآسي حكومة الديمقراطية الثالثة وأحزابها، وذلك بالانتقال من محطة دولة المحاصصات – والصراعات – إلى دولة الدستور والقانون والمؤسسات..!!
:: اتّعظوا، ولا تنسوا بأن حكومة السيدين أهدرت عمرها – ثلاث سنوات – في الصراعات الحزبية و(كنس آثار مايو)، حتى تم (كنسها، هي ذاتها) قبل أن تترك أثراً إيجابياً في حياة الناس.. ومنعاً لإعادة إنتاج فشل تلك التجربة، فإن جهد حكومة حمدوك يجب أن يكون لصالح بناء دولة المؤسسات التي تزرع الأرض وتدير ماكينات المصانع وتحمي الحرية والسلام والعدالة.. الكل يرى شجراً يسير، فانتبهوا واعملوا لمصالح الوطن والمواطن قبل أن يتم (كنسكم)..!!
صحيفة الصيحة