عندما تم تكوين الحكومة الانتقالية لأول عهدها في المرة الاولي انتظرت ثلاثة شهور وهي قاعدة مستقرة في العرف السياسي حيث تقيم الحكومة اداءها او يقيمها الاخرون يحدث ذلك في كل حكومات الدنيا والاميركان ينعتونها بسياسة البطة العرجاء احيانا قد تشهد الفترة بعض الاضطراب والتارجح لكن ذلك لا يحول دون قراءة مؤشرات النجاح والفشل وسمات الاستقرار او الفوضي وفي ذلك معايير علمية متفق عليها في السياسة الداخلية والخارجية بعناصر قوتها وضعفها وفرصها ومهدداتها.
ولكن هذه المرة لن ننتظر ثلاثة شهور بل سنستبق الخيرات قبل اعلان تشكيل حكومة حمدوك بثلاثة ايام لنعيد السؤال نفسه مع تغيير طفيف في صيغة السؤال فبدلا من القول لماذا فشلت حكومة حمدوك ليكون لماذا ستفشل حكومة حمدوك القادمة؟.
قطعا التحليل يعني التوقع وليس التنبؤ وفق مؤشرات وفرضيات تم اخضاعها علي ارض الواقع عيانا بيانا فانتجت خلاصات قابلة للتعميم ومن التغيرات الكبيرة هي تخلي قحت عن ميثاقها الأساسي الذي تم التوافق عليه عند المعارضة وتم ركله كالسلم عقب الصعود للسلطة وعندما يفشل جسم في تحقيق اهدافه التي كتبها بنفسه وهو بكامل قواه العقلية لا يسعنا الا ان نعتبر ذلك نذير فشل والإصرار عليه كخيار سيقود الي مزيد الي الفشل وصولا الي مرحلة الإدمان التي يتطلب علاجها إجراءات احترافية احترازية طبية منها السايكلوجي والانثربولجي فضلا عن الحجر الصحي.
اي علاج سياسي او طبي يقوم علي بروتكول وقف النذف ثم السيطرة والاستقرار سواء ان كانت الحالة دولار او دوار البحر أو في الرأس ولأن تفشل المعالجات الاقتصادية بل ينفرط العقد وتزداد الازمة فذلك ادعي لتغيير منهج الإدارة ولو علي قاعدة حياة الام اولي من الجنين.
شركاء السلطة كانوا شريكين والان أصبح الشرك ثلاثي وليس قياسا علي الحاضنة السابقة يبقي مجلس شركاء الفترة الانتقالية بشكله الجديد سيكون عصئ علي الرتق بوجود الحركات المسلحة التي تم استبعادها من إدارة المرحلة الانتقالية ووضع الوثيقة الدستورية وبالتالي المشاركة السياسية علي مستوي مجلسي السيادة والوزراء بداعي عدم وجود محاصصة وبقية حجج واهية فعادت عبر نافذة جوبا لتحصل علي ذات المكاسب التي طالبت بها قبيل تشكيل الحكومة السابقة مع استصحاب فقرة مهمة تم تعديلها في الوثيقة الدستورية بعلو نص اتفاقية سلام جوبا في حالة تعارضها مع الوثيقة الدستورية في حالة لا تجد لها تفسير عند فقهاء القانون الدستوري مما يجعل لها قيمة تنافسية في الترتيبات السياسية القادمة.
لن اتحدث اتحدث عن الوضع الاقتصادي المازوم وتفجر الشارع وتراجع شعبية حمدوك والحاضنة قياسا علي استطلاعآت الرأي العام واتجاهات الريح والموج ولا حتي المحاصصات القبلية والجهوية والحزبية والمصلحية وكل هذا الهجين يتم باسم الكفاءة التي ليس لها معيار معلن ومنشور ومتوافق عليه فهو كالمسخ تسمع به ولا تراه لا بالعين المجردة ولا بأجهزة الميكرسكوب.
خلاصة الأمر أن هذه الحكومة وبما رشح حتي الآن من طريقة التكوين وعناصر الازمة المتجددة صنعت لتفشل وفق وصفة سحرية تمهد المسرح لما بعده.
وتبقي نظرية ابن خلدون في مقدمته المشهورة هي الإطار الأنسب لتحليل ظاهرة مشهد الصراع القادم المؤجل حيث المقالبة وصراع العصبية والحمية ليستقر الأمر عند ذو الشوكة المتقلب في الحالة الصراعية.
د الرشيد محمد ابراهيم
السبت ٣٠ يناير ٢٠٢١م