فيلمٌ اسمه الشؤم..
ويتمثل الشؤم في طفل ظل – ومنذ لحظة ولادته – يجلب النحس لوالديه… وكل مَن حوله..
ولكن التشاؤم مرفوضٌ؛ ديناً… وعقلاً… ومنطقاً..
ورغم ذلك فهو مما يآؤمن به كثيرٌ من الناس؛ من لدن ابن الرمة… وحتى بشير محسن..
فالشاعر ابن الرمة هذا كان يتطيّر حتى مما لا يعجبه من الوجوه..
فإن فتح باب بيته وصادف وجهاً لم يرتح له – نفسياً – حبس نفسه في داره بقية يومه..
وكذلك كان زميلنا – في المصارف – بشير محسن..
وهو – للعلم – شاعر العديد من أغاني شرحبيل أحمد؛ ويعشق الجمال… ويكره القبح..
يكرهه لدرجة التطيُّر منه؛ كما نظيره ابن الرمة..
وفي حيِّنا يتهامس البعض عن وجهٍ أنثوي – مجازاً – هو بمثابة (الكُج) لكل من (يصبِّحه)..
والكُج مُفردة سودانية – شعبية – تعني النحس..
وكنت دائم العتاب لهم على هذا التطيُّر – والتشاؤم – الذي يأباه الدين؛ ويرفضه المنطق..
ثم صادفته أنا نفسي – الوجه – قبل فترة… ولأول مرة..
فصمت جوالي… وابتلع الصراف الآلي بطاقتي… وانفجر إطار السيارة التي كنت استقلها..
ثم زحفت في صف الرغيف حتى إذا بلغت النافذة قيل لي (خلّص)..
مُجرّد مُصادفات عجيبة… لا أكثر؛ ولا أقول (لازمني النحس) كعادة أنديتنا السودانية..
فالعيب ليس فيها – فرقنا هذه – وإنّما في (حظها العاثر)..
سيما نادي القمة ذاك الذي يرمي باللائمة على النحس – وسُوء الحظ – طيلة تسعين حولاً..
لا تشاؤم إذن… ولا تطيُّر… ولا (كُج)..
ولكن في حكومتنا الانتقالية هذه ظاهرة غريبة… وعجيبة… ومحيرة؛ ولا أسمِّيها نحساً..
وبطلتها هي عضوة السيادي عائشة (نثريات)..
فهي تصدّت لقضية العالقين – في فترة كورونا الأولى – فعلّقت أرواحهم بين السماء والأرض..
وتبنّت قضية ضحايا (الظروف) في السجون..
فانفلت من بين أسوارها نَفَرٌ مِن عُتاة المُجرمين ذوي السوابق؛ فعاثُوا في الأرض فسادا..
ورعت قضية طباعة الكتاب المدرسي..
فلا كُتبٌ طُبعت… ولا مَدارس فُتحت… ولا مَناهج نُقحت؛ فضلاً عن فضيحة (شحدة السفارات)..
وآخر غرائب عائشة هذه كانت قبل يومين..
فقد توجّهت إلى نهر النيل لمُؤازرة أختها الوالية – هناك – دعماً لقضية تمكين المرأة..
وكان من المفترض أن تخاطب حشداً جماهيراً بملعب كرة القدم..
فإذا بها تجد الإستاد مُحتلاً من قِبل حشود أخرى مناوئة؛ وضاعت القضية ضياع (النثرية)..
وبسبب عائشة هذه، أوشكت أن أشاطر المُتطيِّرين موقفهم..
ولولا أن ثبتني إيماني برأي الدين في التشاؤم – والمنطق – لقد كدت أركن إليهم شيئاً قليلا..
وأصرخ مثلهم حيال ظواهر محيِّرة كهذه :
نحــــس !!.
صحيفة الصيحة