كمال حامد: الذين يتحدثون عن أن وصفات حمدوك هي سبب إنهيار الإقتصاد في زمبابوي جهلة ومغرضون

1898م حملة ماكدونالد المجهولة وحملة كتشنر المشهورة ؟
كيف جحدت بريطانيا حقوق الجنود النوبة في شرق أفريقيا وكيف ضمنت حقوق المستوطنين البيض في زيمبابوي ؟
في ١٨٩٨م وصلت حملة كتشنر إلى كرري شمال أم درمان وانتصرت على جيش الخليفة عبد الله وبهذا صار كتشنر شخصا مشهورا في تاريخ السودان الحديث.

لكن ما تم تجاهله في مناهجنا أن بريطانيا كانت قد أرسلت حملة أخرى من شرق أفريقيا عبر كينيا ويوغندا ، وهذه كان من المفترض أن تدخل السودان من جهة الجنوب وتتقدم نحو الشمال فتكون الدولة المهدية بين فكي كماشة.

ولكن حملة ماكدونالد فشلت بسبب تمرد الجنود النوبة السودانيين وتلاشى ذكرها عندنا وصارت جزءا من تاريخ يوغندا.
استمرت بريطانيا في استخدام الجنود السودانيين بشرق أفريقيا وأشبعتهم بالأوسمة والنياشين وحين غادرت فكتهم عكس الريح ولم تسع لأية ترتيبات تضمن لهم وضعا قانونيا مع الحكام الأفارقة الجدد الذين كانت تتفاوض معهم في لندن لمنحهم الاستقلال.
كانت النتيجة أن وجد آلاف الجنود السودانيين من النوبة وجنوب السودان غالبا أنفسهم بدون أرض وبدون جنسية وبالتالي بدون حقوق مواطنة في بلاد ولدوا فيها وقاتلوا من أجل تكوينها لمصلحة المستعمر السابق.

بالمقارنة مع زيمبابوي عملت بريطانيا في مفاوضات الاستقلال على تثبيت حقوق المستوطنين البيض في ملكية الأرض والجنسية فضمنت منحهم جنسية الدولة الوليدة ولو دخل قبل توقيع إتفاقية الاستقلال بيوم واحد ، وثبتت لهم حقوق ملكيات الإقطاعيات الزراعية الشاسعة المساحة التي كانت تعادل حوالي ٩٠% من مساحة الأرض الصالحة للزراعة في زيمبابوي.

وبعد سنوات من الاستقلال تضجرت حكومة موجابي من حقوق وملكيات أراضي البيض ذوي الأصول البريطانية غالبا فصادرتها وبسبب ذلك شنت بريطانيا وحلفاؤها حربا إقتصادية وحصارا خانقا على زمباوبوي حتى تدهورت عملتها.

الذين يتحدثون عن أن وصفات د.حمدوك هي سبب إنهيار الإقتصاد في زمبابوي جهلة ومغرضون تماما مثلهم مثل الذين يملأون الأسافير بشكرا حمدوك ، هؤلاء فاجرون في الخصومة وهؤلاء مضللون في التمجيد.

وبالرغم من كل ذلك تجد أن محبة بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وغيرهم من المستعمرين السابقين والولاء لهم عقيدة لدى مدعيي الهوية الأفريقية ونحن أحق بأفريقيا منهم لأننا نحب أفريقيا بكل أطيافها عن علم ومعرفة وهم يزرعون الكره بتبني خطاب الإقصاء وتقديس المستعمر السابق الذي نكل بأجدادهم.

أما نحن المزيج العربي الأفريقي المتجانس المتصالح مع هوياته المتعددة وولائه المتداخل هنا وهناك عبر الأعراق والثقافات ، نحن السودانيون ، لا نحب ولا نكره ولكن نسعى لنتفهم تفاصيل التاريخ وكيف كانت الأشياء وكيف حدثت وتظل عقولنا منفتحة للتعامل بعقلية الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة.

كمال حامد

Exit mobile version