يوسف السندي يكتب مظاهرات لإسقاط الحكومة

شهد السبت واليومين الماضين خروج تظاهرات متفرقة تنادي بإسقاط حكومة حمدوك، وهي المرة الأولى التي تخرج فيها مظاهرات حقيقية ضد حكومة الثورة، مظاهرات غير مسيسة لا تقودها فلول الكيزان ولا انتهازي الشيوعيين، مظاهرات دافعها الأساسي الخبز والوقود والغاز والغلاء، المواطن السوداني وصل مرحلة حرجة لا يمكنه معها الصبر والانتظار لحلول في رحم الغيب لا يعلم نجاعتها احد، فالحكومة نفسها كل يوم جديد تثبت انها ضائعة وعاجزة عن الحلول، وهذا لوحده أكبر دافع لنفاد صبر المواطنين، وأكبر محفز لهم على الخروج للشوارع والمطالبة بإسقاطها.

بالطبع سيحاول الكيزان والشيوعيين الركوب فوق ظهر هذه التظاهرات من أجل تحقيق أحلامهم في إشاعة الفوضى في البلاد والنفاذ عبر الفوضى لانقلاب جديد على طريقة البشير او النميري، لذلك مهم ان تفطن الجماهير إلى هذين الكيانين، فإختطاف المظاهرات بواسطتهما سيقودها في درب آخر تماما وسيحولها من مظاهرات موضوعية تطالب بإسقاط حكومة وطنية عاجزة واستبدالها بحكومة وطنية قادرة، إلى إسقاط حكومة وطنية والاتيان بحكومة دكتاتورية، لذلك الحذر كل الحذر يادعاة المظاهرات الحالية، احذروا من اختطاف صوتكم والعودة بالوطن إلى نقطة الصفر، حيث القهر والكبت والشمولية.

لا يمكن مقارنة هذه المظاهرات بمظاهرات ثورة ديسمبر، فهذه المظاهرات لا تتهم حكومة حمدوك بالاستبداد والكبت والقتل والظلم والتمكين ومصادرة الحريات كما كانت تفعل ثورة ديسمبر ضد حكومة البشير، المظاهرات الراهنة تتهم حكومة حمدوك بالعجز في تسيير الجانب الاقتصادي والفشل في توفير الضروريات الحياتية، وهذا هو الفرق الجوهري الذي يجب توضيحه وتثبيته وترسيخه في أذهان الجماهير، حتى لا يخترقهم الكيزان والشيوعيين ويستخدمونهم مطية لتنفيذ اجنداتهم السياسية الخفية في السيطرة الكاملة على الحكم في السودان وإعادة البلاد لعهود الظلم والدكتاتورية.

الحريات متوفرة في عهد حكومة حمدوك، والسودان خرج من قائمة الدول الراعية للارهاب ويستعيد في موقعه العالمي تدريجيا، وتم توقيع اتفاق سلام مع حركات مسلحة، وحكومة حمدوك محددة الأجل وبنهايتها ستقوم انتخابات حرة ونزيهة، هذه محاسن يجب استحضارها دوما والاعتراف بها في خضم الاحتجاج على الفشل الذريع في الجانب الاقتصادي، هذا التوازن بين الأعتراف والاحتجاج سيحفظ المظاهرات من الاختطاف والبلاد من الفوضى، وسيقود المتظاهرين إلى تحقيق غايتهم في الضغط على الحكومة لتغيير الواقع الاقتصادي او استبدالها بحكومة وطنية جديدة تواصل رحلة الحريات والسلام والتحول الديمقراطي والدستوري.

يوسف السندي – صحيفة السوداني

Exit mobile version