دولة (تعال بُكرة)!

يقول الإمام علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه (إياك والعجلة في الأمور قبل أوانها، أو التثبط فيها عند إمكانها)، وعندنا يقول شركاء الفترة الانتقالية (تعال بُكرة) كلما سئلوا عن أوان تكوين الحكومة الجديدة.
* كل شيء عندهم يقبل التأجيل، وكل أمرٍ لدى مجلسي السيادة الوزراء يحتمل التعطيل.
* حتى الوزارات السيادية للحكومة الحالية، ومن بينها وزارتا المالية والطاقة، بقطاعيهما المتأزمين، يقبلان البقاء في عُهدة وزيرين مُكلفين أكثر من نصف عام، مع وزارة الصحة المعنية بمواجهة أكبر وأخطر جائحة في العصر الحديث، ووزارة الزراعة التي تدير نشاطاً اقتصادياً يعمل فيه ثمانون في المائة من سكان السودان، ووزارة النقل التي تُشرف على موانئ مُعطّلة، وطرق مُتهدمة، وبنيات أساسية منهارة.. ووزارة الخارجية المعنية بالتواصل مع العالم الخارجي، واستقطاب الدعم للاقتصاد المنهار.
* يوم الأول من أمس دخل جو روبينيت بايدن الابن البيت الأبيض ليصبح الرئيس السادس والأربعين للولايات المتحدة الأمريكية، وبمجرد أدائه اليمين الدستورية وقّع (17) قراراً تنفيذياً، لتسري من فورها، بلا تلكؤ ولا عَطَلة ولا تأجيل.
* لا انشغل بالاحتفالات، ولا أهدر وقته في الحديث عن أخطاء ترمب وتركة (العهد البائد)، ولا أسرف في بذل الوعود، لأنه يعرف أن الرجال نجحها في فعلها.. لا في الكلام.
* اعتمد من فوره تريليوني دولار لتوزيع لقاحات الكورونا، وقدم مساعدات مالية ضخمة لملايين الأمريكيين المتضررين منها، وفرض ارتداء الكمامات في كل المنشآت الاتحادية والطائرات ووسائل النقل العام.
*كذلك أمر بايدن بتوسيع نطاق الإعفاء من سداد الرسوم الدراسية للمدارس والجامعات، وبتمديد العمل بأمر وقف الطرد من المنازل، ووقع أمراً تنفيذياً رابعاً يساعد المدارس والشركات على فتح أبوابها من جديد بأمان، مع توسيع نطاق فحوصات الكورونا، ووضع معايير أوضح للصحة العامة.
* كذلك أمر الرئيس الجديد بتقديم مساعدات اقتصادية للأسر التي تتحمل عبء الأزمة، وعلى رأسها ذوو العاملين في القطاع الصحي، كما أعاد بلاده إلى منظمة الصحة العالمية بعد أن انسحب ترمب منها.
* لا شيء ينتظر إلى الغد في دولة المؤسسات والعمل الجاد، والمسئولون الذين يعرفون قيمة الوقت، لا يهدرونه في التردد والتلكؤ وبذل الوعود الفارغة وترديد الخطابات الحالمة وانتظار المستحيل.
* إنجاز فوري يتسم بالإتقان، ويستند إلى فريق عمل مساعد ومستشارين على درجة عالية من الكفاءة والخبرة، يعرفون واجباتهم، ويجيدون ترتيب الأولويات، ويدركون قيمة الوقت، وأهمية التغيير، ويجتهدون في مساعدة المسئول على وضع بصمةٍ سريعةٍ، تشعر المواطن بالفرق بين ما كان.. وما هو حادث الآن.
* المقاربة – على صعوبتها- تدفعنا إلى التساؤل عن حقيقة قدرات الفريق المُساعد للدكتور عبد الله حمدوك، وفيه من يقبضون مخصصات عالية بالدولار، ويفترض فيهم أنهم محترفون وخبراء على درجة عالية من الكفاءة، بما يكفي لتشكيل إضافة حقيقة لمكتب رئيس الوزراء.. ماذا أنجزوا؟
* وبم أفاد وجودهم حمدوك؟
* إذا صحّ أن الأموال التي يتلقونها تُحفظ خارج الدورة المستندية للدولة، ولا تدخل ضمن البند الأول لوزارة المالية، سيصح لنا أن نسأل عن حقيقة الفرق بين الحساب الخاص الذي كانت وزارة المالية تودع فيه عشرين مليون دولار للرئاسة على عهد المخلوع شهرياً، وبين ما يتردد عن إيداع سبعة ملايين دولار في حسابٍ خاصٍ، بمنحةٍ من جهات خارجية، لتغطية نفقات ومرتبات المستشارين المزعومين.
* في دولة المؤسسات كل شيء مدروس ومُخطط له ويقبل التنفيذ الفوري، وفي دولة (ود أب زهانة) كل شيء مُؤجل ومُعطل والحال واقف.. وتنطبق عليها مقولة (كل عامٍ تُرذلون).
* أمريكا بجلالة قدرها، (الفوق عديلها)، باقتصادها القوي، وشركاتها الضخمة والعابرة للقارات، ومؤسساتها الراسخة، وقوتها العسكرية الغاشمة تدرك أهمية الوقت، وتعرف كيف تستثمره في ما يفيد شعبها، وعندنا (نوم الضحى يطوِّل العُمر، ودرب السلامة للحول قريب، وكان كِترت عليك الهموم اتدمدم ونوم).
* المحصلة تدهور مريع، وتخلف يزداد، ومعاناة تتضخم كل صباح

مزمل ابو القاسم – صحيفة اليوم التالي

Exit mobile version