تشير إحصاءات رسمية أنّ الأطفال في السودان يُشكِّلون حوالي 52% من نسبة السكان، وفي ولاية الخرطوم يُشكِّلون حوالي 48% من السكان، أي حوالي 4 ملايين طفل بالخرطوم.
خلال العام 2020م، تعرّض أطفال السودان لمخاطر كبيرة وخطيرة، ما بين اغتصابٍ وتحرُّشٍ وعنفٍ وإيذاءٍ وختان إناث وزواج قاصرات واختطاف وغيرها من مُهدِّدات الطفولة، وبحسب إحصاءات رسمية بولاية الخرطوم فقط، فإن جملة الاعتداءات على الأطفال في العام 2020م، فإن الضحايا أو المجني عليهم بلغ (7271) طفلاً، فيما وصل عدد الجانحين من الأطفال الى (5143)، ومثل أمام المحاكم والنيابات كشهود (1498) طفلاً.
*تحديات عصيبة
يُواجه المشهد الطفولي بولاية الخرطوم، تحديات عصيبة، يعتبرها مُراقبون وناشطون مُعقيات تتطلّب تدخل الدولة وأجهزتها الرسمية والمجتمعية، خاصةً في مناطق الهشاشة والمناطق الطرفية، إذ يُعاني سكان تلك المناطق من إشكالات كبيرة لتباعُد جزر أجهزة العدالة المختصة بالطفولة، ويقول العمدة عبد الرحيم علي بلجنة خدمات جبل أولياء منطقة دار السلام، إن منطقتهم تشهد أعمال عنف متزايدة ضد الأطفال، وتفشي الجريمة وسط الأطفال بصورة لافتة، وقال لـ(الصيحة) ان كثيراً من البلاغات لا تصل السلطات لأن الأقسام العادية لا تتعامل مع بلاغات الأطفال وتحيلها للجهات المختصة، وأقرب جهة مُختصة لجبل أولياء قسم شرطة الأسرة والطفل بالعمارات ش 41 وهذا المشوار الطويل قد يكون مستحيلاً للبسطاء من مواطني المناطق الطرفية، لذلك فكّرنا بالتعاون مع عدة جهات لإنشاء قسم متكامل للأسرة والطفل بجبل أولياء، وينطبق الحال على بقية المناطق الطرفية.
*متاهات وعرة
كشف جولة لـ(الصيحة)، عن صعوبات بالغة تُواجه الأطفال التائهين الذين تستقبلهم أقسام الأسرة والطفل، بينهم حالات خاصة من ذوي الإعاقة، تعاملت معهم الشرطة بنظام الأم البديلة، وهي عاملة تستقبل الطفل وتقوم برعايته لحين تسليمه لدور الرعاية أو ذويهم، وكشفت الجولة أن بعضهم مكث لأكثر من (3) أشهر، في بيئة غير ملائمة ولا تفي بالاحتياجات الضرورية.
في وقت، تشهد فيه دُور الرعاية بولاية الخرطوم، تدهوراً كبيراً في بنياتها وخدماتها وشح مواردها، خاصةً دار الأشبال ودار الفتيان والمدينة الاجتماعية.
إطلاق سراح الوحوش
واحدة من المخاطر التي تحدق بالأطفال، ما تم مؤخراً بإطلاق سراح المدانين باغتصاب الأطفال ضمن العفو العام، وأبلغ محامي أحد الضحايا، (الصيحة) أن المحكمة المختصة أصدرت حكماً على مغتصب طفلة بالسجن المؤبد في يوم 20 نوفمبر 2019م وتم إطلاق سراحه في يناير 2020م أي مكث في السجن شهرين فقط، وأقام حفلاً غنائياً مستفزاً بالحي الذي يسكنه أهل الضحية، وكاد الأمر أن ينفرط لولا تدخل الشرطة واحتوائها للموقف.
وفي ذلك، يقول الخبير القانوني الدكتور عثمان العاقب لـ(الصيحة): أنا كناصر للأطفال، صُدمنا بمثل هذه القرارات، حيث تم إطلاق عدد كبير من المغتصبين والمتحرشين من الجناة والوحوش البشرية التي قتلت البراءة بأنياب قذرة وقلوب خالية من الرحمة، وبسجن هؤلاء اطمئن المجتمع على سلامة الطفولة.
*معايرة عالمية
الخبيرة د. نسرين الفادني، عضو مبادرة معاً لحماية الطفولة، رسمت واقعاً مؤلماً للطفولة في السودان، وقالت ان كثيراً من الأعمال الرسمية والوطنية لا تتوافق مع المعايير الدولية، وإن الأقسام التي تقدم خدماتها الإرشادية والجنائية تحتاج للكثير من المعالجات، كما أن دُور الرعاية تفتقد للسند الرسمي، وقالت إن قضايا الطفولة الآن أصبحت واحدة من المعايير الدولية التي تُقاس بها حضارات الأمم، وللأسف في السودان فإن قضايا الطفولة تعيش في جزر معزولة، فمثلاً الشرطة تتعامل مع قضايا الطفولة بحكم الهيكل الولائي، وهذه مسألة خطيرة للغاية، إذ يتوجّب أن تتعامل الشرطة مع قضايا الأطفال بصورة كلية وفيدرالية، فالعالم لا يقبل المؤشرات الولائية والمحلية خاصة المانحين والداعمين، ولذلك على الشرطة أن تجعل من حماية الأسرة والطفل شأناً مركزياً وينطبق الحال على الرعاية الاجتماعية فهي أيضاً ولائية.
*انخفاض الاعتداءات
العميد شرطة عبد الملك حسن إبراهيم مدير شرطة حماية الأسرة والطفل بولاية الخرطوم قال لـ(الصيحة): نُركِّز في أعمالنا تجاه الأسرة والطفل على رفع الوعي والتعريف بالقضايا المحورية للطفولة، ونُركِّز على المجتمع خارج الخرطوم وبأطرافها وهي فعلاً تعاني من إشكالات بدأنا في معالجتها من خلال التنسيق مع لجان الخدمات ومنظمات المجتمع، مشيراً لتفاعل تلك اللجان خاصة في قضايا العنف ضد الأطفال وحتى الممارس ضد النساء وهو العنف المبني على النوع باعتبار الإدارة أسرة وطفلاً، وقال عبد الملك إن العام 2020م ورغم الجائحة، إلا أن الإدارة استهدفت 75 ألف تلميذ وتلميذة بالتوعية في كل المراحل الدراسية ونتج عن ذلك أن تشكيل لجان الإحالة خارج النظام القضائي في المحليات وهي لجان تشكل في أي محلية تعاون القسم الخاص بالأسرة والطفل وتعاون النيابة وتعاون قضاء الطفل في حل المسائل المتعلقة بالعنف ضد الأطفال قبل المحكمة وهي مذكورة في قانون الطفل، وهي قضايا بسيطة يمكن حلها مثل السرقات والشغب وكسر زجاج العربة مع حفظ حقوق المتضرر. وقال إن التقارير الرسمية للعام 2020م العام تشير الى انخفاض في البلاغات، حيث انخفضت بلاغات القتل بـ(13) بلاغاً عن العام السابق، الاغتصاب انخفض عن العام الماضي (46) بلاغاً، التحرش كذلك الى (827) بلاغاً، وفيما يتعلق بالاختطاف، قال العميد عبد الملك: تزعجنا بلاغات الاختطاف لما دون سن العاشرة، إلا أن غالبية الاختطاف للفئة العمرية ما بين (12-17) تكون لأسباب عاطفية أو قبلية.
الخرطوم- علي الصادق البصير
صحيفة الصيحة