في الأيام السابقة ذكرنا بان التصريحات الرسمية عن موازنة 2021 مدكترة وتفتقد المصداقية ولا تتسق حسابيا ومنهجيا ولا يعول عليها.
❗️ والان بعد ان نشرت الحكومة وثيقة الموازنة يتضح ان وصفنا لها كان مجاملا ومتساهلا اكثر مما يجب.
❗️ إضافة إلى ان عملية اعداد الموازنة انتهكت كل مبادئ الشفافية المالية التي يوصي بها صندوق النقد الدولي, نلاحظ هذه الثقوب السوداء:
🎲 المكون الأجنبي:
❗️ ورد في موازنة 2021 ان المنح الأجنبية التي تم تضمينها في موازنة 2020 وصل منها فقط 10%. وهذا الهامش الكبير من الخطأ يعطي دليلا جيدا عن جدية وواقعية توقعات هذه الحكومة.
❗️ ولكن لم تتعلم موازنة 2021 شيئا من سابقتها فقد ورد فيها ان المنح الخارجية تبلغ 206.8 مليار جنيه أو 3.5 مليار دولار (محسوبة بسعر صرف 55 جنيه للدولار حسب السعر المعتمد في الموازنة) ولكنها عجزت عن تسمية مصادر هذه المنح.
❗️ في 17 يناير سالت صحيفة الديمقراطي السيدة وزيرة المالية : “ما هي المنح المؤكدة التي تم تضمينها في الموازنة؟”
❗️ وكان رد الوزيرة ” كل أرقام الإيرادات حقيقية. لم نعتمد على المنح إلا التي تم التوقيع على اتفاقاتها أو أوشكت على الاكتمال بنسبة 90%. تم تضمين المنحة الأمريكية 700 مليون دولار، والبنك الدولي 170 مليون دولار، وهناك منحة عينية من القمح عبر الوكالة الأمريكية تعادل 20 مليون دولار”.
❗️ حتى لو تركنا جانبا السؤال عن غرابة معني اتفاقات أوشكت على الاكتمال بنسبة 90% فان الإشكالات المتعلقة بالمكون الأجنبي للموازنة تظل عميقة.
❗️ فحتى لو قبلنا قول الوزيرة بان في عبها 890 مليون دولار مضمونة بنسبة 90% فما زالت هناك منح تبلغ 2.61 مليار دولار تظل مجهولة المصدر ولا نعرف من وعد بها وما هي شروطها وضمانات وصولها.
❗️ وهنا تعيد موازنة 2021 خطيئة موازنة 2020 التي وعدت بمنح خارجية تحقق منها 10% فقط الشيء الذي اثبت صحة ما ذهب اليه الدكتور التجاني الطيب, اهم المعلقين فنيا عن الموازنة في كل عام, حين سماها موازنة شجرة عيد الميلاد – أو موازنة السواقة بالخلا حسب لغة الشباب.
❗️ وفي نفس السياق تقول الوثيقة ان الديون الخارجية ستمول 39.9 مليار جنيه من إيراداتها, أو 725 مليون دولار , ولم توضح ما هي الجهات التي وعدت بتقديم هذه القروض لدولة جدارتها الائتمانية صفرية نسبة للواقع الاقتصادي المتهالك وانعدام اليقين السياسي.
🎲 العجز قبل وبعد المنح:
❗️ عادة تذكر وثائق الموازنة العجز قبل وبعد المنح ولكن لم تفعل وثيقة الموازنة الأخيرة.
❗️ العجز الحقيقي، وهو الفرق بين الإيرادات والصرف قبل المنح, حتى لو قبلنا ارقام الحكومة علي علاتها, يبلغ 5.7% من الناتج المحلي الإجمالي. أما العجز بعد المنح المضمونة، التي قالت الوزيرة انها تبلغ 890 مليون دولار, يكون في حدود 5% وليس 1.4 كما ظلت سعادتها تبشر بلا انقطاع.
❗️ واذا اخذنا في الاعتبار هشاشة ارقام الموازنة الرسمية يتضح ان العجز ربما يكون أسوأ من كل تلك الأرقام .
❗️ وكل هذا يعني ان الارقام التي وردت في موازنة 2021 فيما يخص العجز ومعدل التضخم لا أساس لها وان الحقيقة اكثر اظلاما.
❗️ ذكرت الوثيقة ان الصرف علي السلام يبلغ 54 مليار جنيه أو مليار دولار. وهذا تصنيف غريب لان أي صرف لإعادة اعمار المناطق التي دمرتها الحرب يمكن تضمنيه في موازنة التنمية اما الجانب المتعلق بالإغاثة أو إعادة التوطين أو مساعدة ضحايا الحرب فيمكن ادراجه في بنود الصرف الاجتماعي.
❗️ لا افهم معني قول الوثيقة ان مليار دولار ستمول السلام. هل سيستلم زعماء الجبهة الثورية جزء من هذا المبلغ الكبير لصرفه حسب هواهم؟
🎲 اكثر من نصف إيرادات الموازنة مجهولة المصدر:
❗️ ورد في الموازنة ان الإيرادات مقدرة بمبلغ 938.2 مليار جنيه واوضحت الوثيقة مصادر اقل من نصف الإيرادات وسكتت عن اكثر من النصف. تقول الوثيقة ان الضرائب تساهم بنسبة 27% من الايرادات والمنح تساهم بنسبة 22% (المجموع 49% من الايرادات). وعجزت أو ابت الوثيقة عن تسمية مصادر 51% من الإيرادات وهذه كارثة.
❗️ وهكذا سمت الموازنة اكثر من نصفها إيرادات اخري ولم تكشف عن مكونات هذه الأخرى ولا في هامش – فوتنوت.
❗️ كيف تخفي وثيقة موازنة اكثر من نصف مصادر إيراداتها ؟
❗️ وهذا يذكر بقول والي الكيزان الذي قال لجماهيره أنا بكرة بجيب قمح وبوفر رغيف بس ما تقولو لي جبتو كيف ومن وين. ومن نافلة القول ان الشعب عندها شعر بعدم الارتياح وتحسس كرامته.
❗️ كل ما ذكر أعلاه يشير الِي ان الموازنة تفتقد المصداقية وتخفي اكثر مما تعلن. وكان الله في عون الشعب.
❗️ لم نتوقع من حكومة ما بعد البشير المن والسلوي أو ان تملك عصا موشيه ولكن توقعنا منها الجدية والمصداقية والشفافية. وكنا جاهزين , وما زلنا , لقبول تقصير امين واخطاء بشرية بحسن نية ولكن السواقة بـالخلا عمدا مستوي اخر .
د. معتصم أقرع