ما زالت أحداث العنف القبلي في حاضرة ولاية غرب دارفور (الجنينة) لدرجة أبدى فيها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس عن قلقه العميق حول الأحداث ، بينما توجهت لجنة الأمن بولاية وسط دارفور إلى الجنينة في محاولة لإحتواء الوضع الأمني المتفجر بالمدينة.
وسقط 83 قتيلاً وأصيب 160 شخصاً في تفلتات أمنية يومي السبت والأحد الماضيين طبقاً للجنة الأطباء المركزية بولاية غرب دارفور، وطالت التفلتات بين العرب الرحل والنازحين والتي نشبت إثر مشاجرة بيين أشخاص طالت معسكر سيسي للنازحين في الطريق الرابط بين مدينة الجنينة ومورني ومعسكري كريندق وأبو ذر وبعض أحياء مدينة الجنينة.
بالرغم من سقوط النظام البائد، الذي عمل على إزكاء الحروب القبلية بدارفور إلا أن وسائله الخبيثة تظل هي المتحكم في النزاعات التي تبدأ بالمشاجرات العادية لتتحول لمعارك تسيل فيها دماء أبناء العمومة لأسباب تافهة.
من الواضح أن السبب في ذلك يعود إلى أن القبائل التي كانت قياداتها موالية للنظام البائد ما زالت تستخدم السلاح الحكومي من خلال الميليشيات التي تم استيعابها في المؤسسات العسكرية المختلفة وتستنصر به في الصراع ، وبالتالي تُنسف جهود الصلح ومحاولات رتق النسيج الاجتماعي أمام أي (مشاجرة) عادية حتى وإن قبض على الجاني كما يحدث في الجنينة الآن.
إن ما يحدث في دارفور بات يفوق كل خيال ويفتقر لأي منطق سياسي أو عسكري أو حتى قبلي، لأنه ضرب بجميع الأعراف القبلية المحلية عرض الحائط وأصبح السلاح هو الحاسم في أي أمر قبلي ولا مكان للأعراف أو التقاليد التي كانت متبعة منذ عهد قانون دالي الشهير الذي نظم الحواكير والديار والمراعي والمزارعين وتكمن خطورة تداعيات الأوضاع الناجمة عن الصراع القبلي في أنها تتم بسلاح الحكومة ومركباتها التي تستخدمها المليشيات القبلية.
قضية دارفور عادت لتكون أكبر من تدهور أمني وقتال قبلي بين أبناء العمومة فالوضع بها قد يتحول فوضى خلاقة ولن يهدد سلام جوبا (الهش) وإنما سيهدد كل المكون الاجتماعي ، وهذا يتطلب اجراءات عاجلة فورية، ففي المسار الأمني آن الآوان لأن تقوم الحكومة بنزع السلاح من المليشيات القبلية ، وأن تحرص على تنويع القوات بصيغة لا تسمح لأي قبيلة الاستفادة من أبناءها المنضوين تحت لواء القوات النظامية عند نشوب النزاعات ، وإذا ثبتت مشاركة أي نظامي في هذه الصراعات يحاسب بأردع القوانين.
في المقابل على حركات الكفاح المسلح أن تسرع لا نزال اتفاقية سلام جوبا في أرض الواقع والوقوف مع الضحايا بتلمس قضاياهم عن قرب ، ومن المؤكد أن الانشغال بالمحصصات وتقاسم المناصب قد شغل هذه الحركات فوقعت هذه المأسآة التي قطعت قلوب السودانيين خاصة وأنها الثانية خلال عامين ، على أهل القبليتين الاستجابة لصوت العقل ووقف الاشتباكات، لأن استمرارها يعني الطوفان!!
أشرف عبد العزيز – صحيفة الجريدة