(1 )
طيب الله ذكرى الإمام السيد / الصادق المهدي فعندما كان رئيسا للحكومة في الديمقراطية الثالثة وكانت اثيوبيا يومها في وضع سياسي متماسك وخارجة منتصرة من حرب الصومال وفي غاية التنمر على السودان اذ كانت محتضنة لقرنق بكل سفور وبينما الوضع في السودان يميل الي الهشاشة مقارنة بها فمارست بعض الانتهاكات على الحدود السودانية نابعة من اطماعها في منطقة القضارف تحديدا الفشقة فارسلت حكومة السودان تحذيرا لاثيوبيا بالكف عن التدخل في شؤون السودان فعندما سئل سيادته كيف تجرؤ حكومته على التصعيد مع اثيوبيا مع هذا الاختلال البائن في موازين القوى بين البلدين أجاب ببلاغته الشعبية المعهودة قائلا (ابوالقدح بيعرف كيف يعضي رفيقه ) وللذين قد يستعصي عليهم فهم هذا المثل نقول ان الناظر لأبي القدح (السلحفاة) من الخارج سيظن من الصعب ايذائه نسبة للطبقة العظمية السميكة التي تغطي ظهرة وتتنزل على جسده ومع ذلك تتصارع السلاحف وتقتل بعضها البعض لانها تعرف نقاط ضعف بعضها اي مكشوفة لبعض
(2 )
اكثر ما ينطبق المثل اعلاه على الدول المتجاورة المتداخلة كدول منطقتنا هذه، فهذه الدول لو كانت راشدة لاستفادت من الجوار والتداخل ومتنت العلاقات بينها كما يحدث الآن بين الدول الاوروبية والنمور الآسيوية ولكن ولانها تفتقر للرشد مازالت تمارس سياسة التربص ببعضها البعض ومازالت الروح القبلية الضيقة تحكمها دعونا من التاريخ فلناخذ واقعنا اليوم فففي عام 1995 نفذت الانقاذ مؤامرة فاشلة لاغتيال حسني مبارك في العاصمة الاثيوبية اديس ابابا فكات ردة الفعل احتلال مصر لحلايب واثيوبيا من جانبها قامت بتحويل استئجار مزارعيها لاراضي الفشقة لاحتلال فالنظامان في مصر واثيوبيا يعرفان نقطة ضعف نظام الانقاذ وهي تمسكها بالسلطة بأي ثمن ففعلا فعلتهما فتبقى أن ينتظر السودان السانحة التي تسمح له بالرد فبادر بتشجيع قيام سد النهضة نكاية بمصر رغم أن الامر يضر به هو الآخر وفيما يتعلق باثيوبيا انتظر اى أن قام ابى أحمد بسحب جيشه من المنطقة لكسر عظم اثنية التقراى في ديسمبر 2020 فوجد السودان فرصته وتخلص من الوجود الاثيوبي في الفشقة.
(3 )
عليه ولما تقدم يبقى السؤال لماذا أثار السودان قضية الفشقة الآن اي لماذا طرد منها المزارعين الاثيويبون في 2020 ؟ الاجابة بكل بساطة لانه وجد الفرصة المناسبة وهي انشغال اثيوبيا بحرب داخلية ضروس فمثلما استغلت اثيوبيا جليطة محاولة اغتيال حسني مبارك في 1995 لاسيما وان النظام الذي نفذ تلك المؤامرة قد ذهب . فلا مجال هنا للقول بحرب وكالة ولامجال للاشارة لاحتلال حلايب فالسودان سوف ينتظر الفرصة المؤاتية لاستراجعها هي الاخرى ولو بعد قرن من الزمان فعبد الناصر قرر احتلال حلايب في 1958 ولكن وجد التكلفة السياسية باهظة وهو مقدم على انشاء السد العالي ويحتاج لموافقة السودان ولأراضيه فركل الفكرة ساعتها الي ان جاء حسني مبارك فوجد الفرصة في 1995 ففعل ما فعل . اذن ياجماعة الخير ان وجود الجيش السوداني الباسل في الفشقة اليوم ليس مغامرة عسكرية طائشة مدفوعة من جهة خارجية ولاحتى مبادرة عسكرية بحتة انما قرار سياسي نابع من النهج (القدحي) النسبة لابي القدح والذي دأبت هذه الدول المتجاورة والمنكوبة في نفس الوقت على ممارسته. وللحديث بقية إن شاء الله.
صحيفة السوداني