اثيوبيا لا تريد ولا تستطيع ان تشن حرب على السودان ، ارتريا البلد الاصغر حجما عن السودان بكثير، كثافة بشرية وفي عديد قواتها العسكرية ، و لكنها ذات عقيدة عسكرية وطنية متماسكة ، ارتريا الصغيرة هذه صمدت في حرب عام 1998م مع اثيوبيا في نزاع مثلث بادمي واذاقت المدفعية والدبابات الارترية مر العلقم للجيش الاثيوبي وهو جيش خليط من قوميات غير متجانسة ، بينها ما صنع الحداد ، إلا أن اجبرتها على اتفاق مذل في الجزائر وعاد المثلث الى ارتريا.
اليوم ، هناك مستجد على الساحة ، مع رفع الحصار الدولي عن السودان و تدفق الحاصدات الحديثة المعفية من الجمارك و دخول شركات زراعية امريكية كبرى سيتمكن السودان من استغلال اغلب اراضيه الزراعية ، بالذات تلك التي في نطاق الري المطري ، لهذا تريد اثيوبيا ان تتذاكى لتحصل على ما تريد بأقل الخسائر ، اسلوب الحرب النفسية والإعلامية ، اغتيال بعض المدنيين على الحدود بشكل مروع ، طلعة جوية خجولة تناور بها ، هجوم دبلوماسي و اعلامي كأنها صاحبة حق ثم ارسال وسطاء من هنا وهناك على مظنة خداع السودان و جره الى التفاوض ومن ثم على الجيش السوداني ان ينسحب من اراضينا التي اعادها بقوة و شرف وشجاعة مع اجماع والتفاف شعبي غير مسبوق ، هذه الأراضي التي كان ضيعها الاتفاق المعيب للراحل الشريف عمر بدر ، والي القضارف حينها و عبد الرحيم محمد حسين ، اذ ذهبا الى اثيوبيا لارضاء ملس زناوي الغاضب حينها من محاولة اغتيال مبارك على ارض بلاده وعرضا عليه زراعة هذه المليونين ونصف فدان من قبل مزارعين اثيوبيين وهي جائزة ضخمة ، عطاء من لا يملك لمن لا يستحق ، وكبلت يد الجيش السوداني طوال ربع قرن رغم مر الشكوى من المزارعين السودانيين من الاعتداءات لقوات الامهرا الاقليمية وهي جزء من الجيش الاثيوبي وظل النظام السابق يتخفى بتسميتها بعصابات الشفتة كهروب من مواجهة الواقع.
اثيوبيا اذا كانت تعترف بحدود عام 1902م مع دولة جنوب السودان ومع ارتريا فهذه وقاحة ان لا تعترف بها مع السودان ، فعليها ان لا تنخدع بوضع السيولة الحالي للسودان ، يجب ان يبقى جيشنا على الأرض ولنذهب الى التحكيم الدولي ان ارادت وعلينا ان ندير المعركة الدبلوماسية والإعلامية بشكل احترافي و يجب ان نستمر في اكرام اللاجئين الاثيوبيين عن حرب التقري الاخيرة هناك واظهار ذلك اعلاميا فالانتصار الاخلاقي مهم في الحرب مع تقوية الجيش على الحدود ، على نمط المثل الامريكي تحدث بلطف وانت تحمل عصا غليظة.
سيتخلى ابو احمد عن مهووسي الامهرا ، في تقديري انه لن يذهب بعيدا في هذا الملف و هو رجل استخبارات و يعرف ان السودان الممسك عبر استخباراته القوية ببني شنقول وبملف التجري الساخن اليوم وجرحه لم يندمل بعد ، وبالارومو المسلمين وقادتهم المحشورين بالآلاف في سجن الديكتاتور الجديد ، هذا السودان ليس هو ارتريا ، السودان يملك كل هذه الاوراق في مقابل ذهاب ملف جنوب السودان الذي كانت اثيوبيا تاريخيا تقايضنا بدعم متمرديه كلما نشب خلاف بين البلدين ، كل هذه العوامل ليست في صالحه و ستعقلن رجل المخابرات.
اما إن استسلم ابو احمد لضغوط الأمهرا ، خصومه ، و كلاهما يضمر للآخر ، وانما حلفهما الى حين ، إذ في أول سانحة سينقض احدهما على الآخر بليل ، ان ضعف الرجل وسلم لهم ، فهي الحرب إذن ، و سيكون هو اعتداء بين على عقر دارنا ، فنحن لها ، اذ لا مفر ، و حينها سيرى ابو احمد و سترى اثيوبيا ، ربما لأول مرة ، قتال السودانيين واستبسالهم في الزود عن أرضهم ، و يبدو أنهم لا يعرفون تاريخ هذه البلاد وستكون هذه مغامرة كبرى من ابي احمد ، اذا اطلق الطلقة الاولى لحرب حقيقية داخل حدودنا وسقط ضحايا باعداد كبيرة بعدها لن يتحكم في الامر وهو لا يعرف السودانيين ، الجيش السوداني اليوم في افضل حالاته ومرتاح من اي حروب طرفية منذ ثلاث سنوات و تطور كثيرا جدا ويمكن نقل 80% من كل الفرق بالاقاليم الى ارض المعركة اضافة الى الدعم السريع وقوات الحركات وهناك وحدة وطنية لم تحدث منذ ثلاثين عاما ، مع تحريك ملفات بني شنقول والتجري والارومو ، مع كل هذا ماذا سيتبقى إذن من دولته الهشة كقطع الجاتوه ، وهم دوما ، الاثيوبيون في اعلامهم يقولون نحن اصدقاء للسودانيين ، ولا اعرف مع اصدقاء مثل هؤلاء من يحتاج الى أعداء إذن.
طارق عبد الهادي