ومن البشريات التي تستحقها بلادنا، لرفع الكفاءة وزيادة الإنتاج، وفي إطار خطة متكاملة لتحديث الموانئ البحرية وتطويرها، يتم حالياً تركيب آليات مناولة جديدة في الميناء الجنوبي ببورتسودان، وعددها (10)، ومتخصصة في نقل الحاويات، ويُمكن ضبطها لمناولة كل الأحجام (10 – 20 قدماً)، وهناك المزيد في الطريق.. وكل هذا يتم بشراكة مثالية مع شركة صينية متخصصة في صناعة وصيانة آليات المناولة..!!
:: ولأن الموانئ بحاجة إلى هذه الآليات، نأمل أن يتم استخدامها في مناولة الحاويات منعاً للتكدس، وليس في إغلاق الميناء عند كل احتجاج، كأقبح ظاهرة تشهدها الموانئ حالياً.. وسائل التعبير المشروعة كثيرة، وما يجب أن يكون من بينها إغلاق الموانئ بـ(الكرينات)، أو كما يفعل العاملون بميناء بورتسودان، بتحريض من نقابات جاهلة وأحزاب غير مسؤولة..!!
:: ومن الحماقة أن يخصي المرء نفسه لينتقم من زوجته، أو كما يفعل العاملون حين يغلقون الموانئ، لينتقموا من الحكومة.. وليست بالآليات وحدها تطوّر الموانئ، بل بالعمالة الواعية أيضاً، وكذلك النقابة المسؤولة.. وليس من الوعي – أو المسؤولية – تعطيل حركتي الصادر والوارد بإغلاق الموانئ بالآليات والهتافات، ليبحث رجال الأعمال عن البدائل، والتي منها الموانئ المصرية..!!
:: المهم.. يجب دعم هيئة الموانئ وهي تطلق – بالشـراكة مع شركة صينية – مشـروع تدريب وصيانة وتركيب الآليات، ومثل هذه الشراكات هي طريق التطوير.. ولعلكم تذكرون ميناء هيدوب.. الأحدث على طول الساحل، بحيث كل شيء يعمل إلكترونياً، وبأحدث نظم التشغيل.. (5 أرصفة)، بطول (241 متراً)، وعمق (12.5 متر)، وحمولة (30.000 طن).. والميناء مشروع شراكة ما بين هيئة الموانئ وشركة جيك الصينية..!!
:: ومنطقة هيدوب تقع جنوب سواكن (30 كلم).. ورغم قُربها من سواكن، ورغم أنها غنية بخيرات البحر، تعتبر هيدوب من المناطق المَنسيّة بشرق السودان.. فالمنطقة معزولة تماماً، تتّخذها مراكب الصيد إحدى محطاتها ثم تُغادرها – سريعاً – لافتقارها إلى عوامل البقاء والاستقرار.. وكذلك كانت منطقة هيدوب من أوكار تُجّار السلاح والمُخدّرات وتهريب البشر..!!
:: وبإنشاء ميناء هيدوب، كان يجب أن تشهد هذه المنطقة شروق شمس (حياة أخرى)، لتحل محل وعثاء العابرين وضنك المُبعثَرين في الفيافي والجبال، أو هكذا كان الحُلم عريضاً عند إنشاء الميناء ويوم التدشين والتشغيل، قبل خمس سنوات.. ولكن المؤسف، لم يعمل ميناء هيدوب منذ تاريخ التدشين، حيث كانت الشحنة التي غادرت إلى لبنان – يوم التدشين – هي الأولى والأخيرة..!!
:: أسباب توقُّف الميناء (مُخجلة)، ولكن من نلقبهم بالمسؤولين في بلادنا لا يستحون، وسقف طموحهم لم يتجاوَز صرف مرتباتهم في الموعد.. فالميناء لصادر الثروة الحيوانية، واكتمل العام 2017، ثم ظلّ مهجوراً إلى يومنا هذا، لعدم وجود محجر بيطري، وهذا لا يحدث إلا في موطن الغرائب (بلادنا).. فالآليات يُمكن استيرادها من الصين وغيرها، ولكن من أين يتم استيراد روح الإرادة والعزيمة والمسؤولية..؟؟
صحيفة الصيحة