مرتضى الغالي يكتب قضية المناهج: لا رضوخ للزعيق..!

قضية المناهج: لا رضوخ للزعيق..!
✍🏽د. مرتضى الغالي

لنا ملاحظ على بيان رئيس وزراء حكومة الثورة حول المناهج: أولاً: المناهج لا تعدّها لجان قومية وإنما تعدها الجهة المتخصصة وهي المركز القومي المختص كما هو الحال في (بخت الرضا) في التجربة السودانية، وكما هو الحال في كل العالم. هناك لجنة مختصة من التربويين والخبراء، وهي التي تضع المناهج وتستقبل آراء أطياف المجتمع في هذا الشأن، ولكنها هي التي تصوغ المناهج بخبرتها وتخصّصها وفق الأسس التربية والموجهات التي يتم الاتفاق على عمومياتها من حيث مراعاة مطلوبات وأهداف العملية التعليمية.

ثانياً: من الخلل الجسيم في رأينا أن يسمي بيان رئيس الوزراء جهات سياسية ومجتمعية بعينها ويغفل غيرها وكأن الآخرين لا يهمهم الأمر؛ كما كان من غير الملائم أن يذكر لنا جماعات السلفيين والإخوان المسلمين (لا حولة ولا قوة) لأن هاتين الفرقتين هما (جزء أصيل من نظام الإنقاذ) وظلتا طوال عهده الأسود من حلفائه الرئيسيين؛ وما الإنقاذ إلا التعبير السياسي الاستبدادي الإجرامي لجماعة لإخوان وهي ــ بطبيعة الحال ــ صاحبة التبعة عن القهر والظلم وإراقة الدماء وتمزيق الوطن…. فهل يريد بيان السيد حمدوك أن يعيد لنا الإخوان ليشرحوا لنا (كيف تكون المناهج؟) بعد كل الخراب الذي صنعوه بالبلاد والعباد والعلم والتعليم؟ أم أن من الطبيعي أن تذهب ريحهم مع ذهاب الإنقاذ..؟!
ثالثاً: كيف لا يستدعي رئيس الوزراء الشخص الذي قام بتعيينه مديراً لمركز المناهج ليستفهم منه ما يدور من لغط.. والمركز يتبع لرئاسة الوزراء وهو قد التقى بأنصار السنة والإخوان فلماذا صعب عليه الالتقاء بمدير عام المناهج ليسأله حتى بالقول: (أيش الحكاية)..؟!؟

رابعاً: ما كان للبيان في رأينا أن يستخدم عبارة (تجميد العمل بالمقترحات الحالية) بل أن يتحدث عن مراجعة وتقييم وتقويم وإضافة وحذف مقترحات مقترحات.. فالمقترحات لا يتم تجميدها لأنها ببساطة (مقترحات)..!

خامساً: كان أحرى ببيان حمدوك أن يؤكد على الوقوف بقوة مع تنقية المناهج من ضلالات الإنقاذ، وبين يديه الأمثلة والشواهد على فساد مناهج الإنقاذ وقيامها بعد انقلابها المشؤوم بتغيير المناهج بين ليلة وضحاها وحشوها بالتجهيل والخزعبلات بهدف (نشر الغباء) وتحويل النشء إلى آلات صماء وتابعين مسلوبي الإرادة لنظام الإخوان ومسيرة الباطل التي عطلت العلم وحجبت المعرفة وأغلقت نوافذ الحرية والتفكير والإبداع.. في حين أن المنطقة والعالم كله قد اكتوى بنار الإخونجية والمتطرفين والإرهابيين.. وتجربتنا معهم كانت (أبلغ وأوجع) ولا تقل عما عانته المجتمعات الأخرى..!

سادساً: كون المرحلة الحالية مرحلة توافق مجتمعي حسب ما قال البيان؛ فإن ذلك لا يعني الرضوخ لكل صارخ ونحن نعني زعيق الإخونجية والسلفيين والفلول.. فهم لا يقصدون المناهج ولا يتباكون على الدين إنما يتنفسون بريح الإنقاذ النتنة ويريدون عرقلة التغيير وتعويق الانتقال؛ فالتعبير عن إعداد المناهج يكون بالمقترحات والأفكار لا بالصراخ والنشيج والتباكي.. وإذا كانت المرحلة الحالية (مرحلة توافق) فهي أيضاً (مرحلة ثورة) أعلنت مبادئها ومطلوباتها للانعتاق الكامل من مناهج ومسارات الإنقاذ..!
من الطبيعي أن تكون هناك مقترحات وآراء مختلفة حول المناهج ولكن هذا يتم بالمقترحات والمراجعات على أن يعود الأمر في النهاية إلى المركز القومي للمناهج والإسهام لا يكون بخطب التهييج والتضليل عبر المنابر والصياح في الطرقات وإطلاق فتاوى التكفير التي صمتت عن الحق ثلاثة عقود..! وأخيراً لا يظن الفلول أنهم انتصروا.. فلا عودة لعهد الضلالات؛ وعلى حكومة الثورة أن (تفرز الكيمان) بين الحادبين على المناهج وبين الذين يريدون تعكير المياه وإرهاب الناس بادعاء الغيرة على الدين، فقد خبرنا شريعة الإنقاذ ومشروعها الحضاري.. ويجب تسمية الإنقاذيين بأسمائهم الحقيقية.. ولا ينبغي التغطية على اللص بحجب مهنته التي اختارها بنفسه..!!

صحيفة السوداني

Exit mobile version