ليست بشارة سعيدة على الإطلاق أن تعلن ولاية الخرطوم توقيعها صفقة بقرض بلغ (100 مليون) دولار، لاستيراد (7 آلاف) بص وحافلة من شركة (بولي) الصينية، لن يكون أحد سعيداً بمثل هذه الصفقة إذا كانت ستجلب لنا بصات بمواصفات تلك الخضراء سيئة الصيت، تلك التي توقف فيها كل شيء وعطب بعد فترة وجيزة من نزولها الشارع – عدا إطاراتها، لا تكييف ولا شاشات، ولا لون ولا رائحة، تلك البصات التي ارتبطت في ذهن المواطن بأنها (أكذوبة كبرى)، توقف بعضها تو استيرادها وعطب الآخر تماماً بعد هنيهة، أما التي لا زالت تعمل فعلاوة على سلحفائيتها وازدحام ممراتها بالركاب الأمر الذي مثّل تُربة خصبة لعمل النشالينو (غيرهم) من ذوي (الاحتياجات الشخصية)، فإنها أضحت شديدة الحرارة بعد أن توقفت مكيفاتها تماماً وارتفعت نوافذها أعلى رؤوس الركاب وأنوفهم، وها هم الآن (أي الركاب) لا حل لديهم رغم تذمرهم إلاّ استخدامها (رغم أنوفهم).
بالطبع لا أحد يرفض الدأب والسعي من أجل أن تضع ولاية الخرطوم مشكلة المواصلات (خارج مسرح) عملياتها الإدارية اليومية، لكنها لن تنجح في ذلك، إلاّ إذا سلكت طريقاً مختلفاً عن تلك التي ظلت تتبعها سنيناً عددا، وبداية الطريق القويم في هكذا أمور تتعلق بالحياة اليومية للمواطن هي أن تستجلب هذه الدفعة من البصات وفقاً لمعايير ومواصفات ومقاييس دقيقة وملائمة للمناخ والبُنية التحتِّة الخرطومية، تتبعها خطوات إدارية ورقابية أخرى، كأن يشترط أن لا يُحمّل فراغ البص بين صفيّ مقاعده إلاّ عدداً محدداً من الركاب، بحيث يتنفس من (ببطنه) بشكل طبيعي ولا يكونون عرضة للعدوي بأمراضٍ شتّى، ولا نهباً للنشالين وذوي الأغراض الأخرى.
مائة مليون دولار، لا ينبغي أن تُبدد في بصات متهالكة قصيرة العمر الافتراضي كسالفتها، فهذا القرض الكبير سيدفع من جيوب المواطنين المُنهكة والمثقوبة، وهذه البصات هي بصات المواطنين لا الولاية التي ينحصر دورها في تمثيلهم فقط، لذلك عليها أن تمثلهم خير تمثيل، أو تخلي خشبة المسرح لآخرين
الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي