وقفات مع بيان بروف الأمين: تناقض وتدليس

*وقفات مع بيان بروف الأمين: تناقض وتدليس*
*الرفض الشعبي تعبير عن يقظة أمة*
د. إبراهيم الصديق على
(1)
اصدر بروفيسور محمد الأمين التوم وزير التربية والتعليم بيانا يوم ٤ يناير ٢٠٢١م للدفاع عن مدير المناهج د. القراي، و الملاحظة الأولى ان الوزارة أصدرت من البيانات دفاعا عن القراي وتضامنا معه أكثر من العملية التربوية وفتح المدارس ومجانية التعليم..
والنقطة الثانية، أن هذا الخطاب في لغته، لا يناسب وزارة حكومية ووزير مسوؤل عن المواطنين كافة، بكل مستوياتهم وتوجهاتهم، ولا يصلح إلا لحزب إقصائي المنهج، إن تكرار مفردات (العويل) و(البكاء) والصراخ) وتكرارها لا يحمل اي مضمون تربوي أو رسالة تعليمية وهو قول متباعد عن سماحة اهل السودان وسعيهم للتقارب والمودة وحسن اللفظ.
وثالثا: إن البيان محشو بالكثير من التناقض والإضطراب والتدليس، وجاء في فقرته (٦) حديث عن الخبراء وأثبت في نهايته ضعف جانب من منهج التاريخ وتكوين لجنة من خبراء كما أورد في الفقرة (١٠).
ورابعا: فإن الوزير الذي حتمت عليه مسؤوليته إصدار هذا البيان كما جاء فى الفقرة (١)، راجع صدفة كما قال في الفقرة (١٠) ليكتشف ضعف في مادة التاريخ ، ألا يستلزم العدل وحسن التدبير وتمام المسؤولية مراجعة أكثر تمعنا وأوسع نظرا في المنهج، هل الدفاع عن (شخص) القراي، اهم من المنهج؟
وخامسا : إن (حماية الدين وثوابت الأمة) ليست أسطوانة مشروخة، بل مقصد وغاية، ولا ترتبط بالثلاثين عاما الماضية، وإنما منذ عهد قديم، لقد كانت تلك رسالة المماليك الإسلامية والثورة المهدية، وكل مراحل المنافحة عن الدين ضد الإستعمار في أشكاله كافة، المباشر منه او الوكلاء، ولن تسأم الأمة الدفاع عن دينها و ثوابتها، وربما ما آثار ذعر البعض، هذه الهبة واليقظة الشعبية والرفض الواسع لهذا المنهج المعيب، ومع ذلك فإن الإنتقاد صوب على المقررات بكلياتها. وكما قال د. حمدان ابوعنجة فإن ما تم لا ان يكون تنقيحا.
ومن بين هذا وذاك، وهناك الكثير مما يمكن أن يقال.
(2)
واول نماذج التدليس، القول بأن جماعة سياسية تقود الحملة، والحقيقة ان الأمر اكبر من ذلك بكثير، لقد رفض مجمع الفقه الإسلامي وبخطاب رسمي عبر وزارة الشؤون الدينية منهج الصف الأول وأبدى ٤٤ ملاحظة وهو جزء من الحكومة، ورفض حزب الأمة القومي ممثلا في كيان الأنصار وانتقد بشدة طريقة د.القراي، وعارض المنهج جماعة أنصار السنة المحمدية وهاجم د. محمد الأمين اسماعيل نائب رئيس الجماعة المنهج بضراوة وتم فتح بلاغ فيه، ووقف ضد المنهج الطرق الصوفية، وحتى عدد من الكتاب من اليساريين أبدوا إعتراضهم على المناهج الجديدة، ويضاف لذلك مجلس الكنائس، وعليه فإن هذه الذريعة والتحجج بها مراوغة بائسة ، وسلوك يفتقر للكياسة، وهو نمط سائد في تغبيش الوعي العام وإلغاء العقول.. ومع ذلك من حق أي تيار سياسي معارضة المنهج بالمنطق والتفنيد، رضي الوزير أم أبي، فهذا حق لا يصادره كائن من كان، ومن ظن ان الوطن أصبح ضيعة مستباحة عليه أن يتحسس أطرافه.
وثانيا: الإدعاء بإن عددا من الخبراء أشرفوا على إعداد المناهج، بينما الوزير في ذات بيانه يشير في آخر بند لضعف في كتاب التاريخ مما دعاه لتشكيل لجنة خبراء؟ إذن أين الخبراء الذين اقروا المنهج؟.
والحقيقة التي يسعى الوزير لتجنبها ان ١٤ من الخبراء تم إبعادهم وأن بعض مواد المنهج تمت الإضافة والحذف فيها، وهناك الجمعية العلمية للمناهج وجمعيات متخصصة وأولياء أمور، وكل ذي بصيرة رأي في هذا المنهج إعوجاجا وتطرفا.
وثالثا : إن إجازة المناهج تتم وفق عملية مدروسة وتدابير محكمة تتسم بالشفافية ولجان وورش عمل وقبل ذلك مؤتمرات للتداول وليس مجرد رغبة وهوس للتعبير عن قناعات شخصية
(3)
العملية التربوية وتغيير المناهج يحظي بدعم سخي من منظمات دولية ومؤسسات تمويل وجماعات ذات إهتمام بمسار التعليم والتعليم ومحتواه والأدوات التعليمية والبيئة التعليمية ومهارات وخبرات الأساتذة، فلماذا احجمت كل هذه المؤسسات عن دعم المناهج في السودان، أين اليونسكو التي أطلقت منذ عام ٢٠٠٥م برنامج (كوب COP) لتطوير المناهج الدراسية؟ أين البنك الدولي؟ أين اليونيسيف؟ هل هذه الجماعة العالمية جزء من (النظام السابق).. وما صحة تصريحات وإفادات السيد مبارك الفاضل حول رفض البنك الدولي لتمويل المناهج لغياب الرؤية..
إن السقا المثقوبة لا تحمل ماء، وهذا المنهج يا بروف الأمين خال من المهنية والإحترافية، وأقرب للهتافيات، وبمثلما ان حكومتك الإنتقالية لا تملك حق رسم مستقبل الأجيال القادمة، فإنك ود. القراي لا تملكان سلطة تقديم دروس في مباديء التعلم..والسلام

Exit mobile version