رغم الخلافات بين مصر وإثيوبيا بشأن سد النهضة، فإن هناك علاقات قوية وممتدة بين البلدين في شتى المجالات، حتى أن شباب مصريون استطاعوا بعقولهم وبناء على طلب السلطات الإثيوبية حل أزمة الموصلات في العاصمة أديس أبابا وتقديم تخطيط مستقبلي متطور لها يعتمد على التكنولوجيا الحديثة.
هؤلاء الشباب أسسوا مبادرة بعنوان “ترانسبورت فور كايرو” هدفها أن تقدم حلا مبتكرا لازدحام نظام النقل في القاهرة، باستخدام تطبيق يسهّل التنقل والحركة من خلال خرائط لحركة النقل وتحديد المسارات.
والمبادرة التي حصلت على منحة من معرض أكسبو دبي الدولي قيمتها 100 ألف دولار، وتحولت لشركة استشارية في النقل المواصلات لخدمة دول المنطقة، استلهمت فكرتها من مشروع “ديجيتال ماتاتوس”، الذي رسم خريطة سير لكل حافلات الماتاتوس، وهي تجربة نقل متكاملة مملوكة للقطاع الخاص في مدينة نيروبي الكينية، وفقا لما صرح به لموقع سكاي نيوز عربية، محمد حجازي مدير فريق “مواصلة للقاهرة”.
وقال: “أردنا أن نخلق شيئا مماثلا على مستوى القاهرة وهي 5 أضعاف حجم نيروبي. وفي أغسطس 2015 ركبنا أول حافلة ووصفنا أول خط في المشروع”.
وعن بداية المشروع قال: “بدأ الأمر بشراكة بين جامعتي كولومبيا ونيروبي، حيث اشتركنا معا في إكسبو لايف وتم قبولنا في مايو 2017، وتعرفنا من خلاله على أمثلة ملهمة كثيرة، وزودنا بالموارد المادية لاختبار التكنولوجيا التي طورناها على نطاق القاهرة، فنجحنا.”
وأوضح: “حتى اليوم، قمنا برصد مدينة القاهرة، وساعدنا جيبوتي وكامبالا وأديس أبابا بالمثل، هذه قصة نجاح إفريقية، قادرة على إلهام الكثيرين، وهذا ما سنقدمه في معرض إكسبو 2020 دبي، قصتنا ورؤيتنا لتحسين قدرات المدن الإفريقية النامية في قطاع النقل”.
أزمة أديس أبابا
وعن طبيعة المساعدة التي قام بها فريق مواصلة للقاهرة لحل أزمة المواصلات في أديس أبابا على وجه الخصوص قال حجازي “اتصل بنا معهد البحوث العالمي في ديسمبر 2017 لمساعدة مبادرة هيئة النقل بأديس أبابا (AATA) لرقمنة بيانات النقل العام، والاستفادة من التقنيات الرقمية لجمع بيانات النقل العام في أديس باستخدام منهجيات مماثلة تطبقها “ديجيتال ماتاتوس” و “ترانسبورت فور كايرو”.
وجرى جمع البيانات ومعالجتها من قبل طلاب جامعة أديس أبابا، بعدما حضروا التدريبات وأكملوا المهام التي كلفهم بها الرؤساء الفنيون من معهد “وورلد ريسورسز” و”ترانسبورت فور كايرو” و “ديجيتال ماتاتوس”، الذين قدموا التوجيه الفني في كل خطوة من العملية.
وفقا لحجازي تمكنت “ترانسبورت فور كايرو” والشركاء من تنظيم تدريب لمدة أسبوع لعدد 90 طالبا حول رسم خرائط أديس أبابا، دراسات حالة القاهرة ونيروبي، وعملية جمع البيانات عبر مسح الجي بي إس المحمول، وجمع البيانات الميدانية، ومعالجة البيانات على “غوغل درايف”، والتعامل مع خريطة الشارع المفتوحة؛ والتعامل مع البيانات الجغرافية، والتحليل المكاني والاستفسارات.
وأكد حجازي في حديثه مع موقع سكاي نيوز عربية أن فريقه تمكن من توفير التدريب على كيفية إنتاج تصور “جي آي أس” لشبكة النقل العام والذي سيستغرق المزيد من الوقت وسيحتاج إلى إنتاجه محليا.
وتجدر الإشارة إلى أن أديس أبابا، عاصمة إثيوبيا، هي أكبر مدينة في البلاد ويقدر عدد سكانها بنحو 3.2 مليون نسمة وتنمو بسرعة، ويزداد اعتمادها على وسائل النقل العام للتنقل.
وفي السابق، كانت هيئة النقل في أديس أبابا تجمع يدويا بيانات النقل العام وتخزنها في جداول بيانات، وهذا يجعل من الصعب على المدينة تحديث البيانات التي تم جمعها عند وجود أي تغييرات في الخدمات والطرق المقدمة، ومن الصعب أيضا تصور جميع البيانات في نظام أساسي واحد، إذا لم يتم تقديم البيانات بتنسيق يسمح بالتخيل.
وأوضح حجازي أن الأسباب الرئيسية وراء رغبة المدينة في إنشاء قاعدة بيانات نقل عام رقمية هي تقييم تغطية شبكة النقل الحالية، ومقارنة التغطية بين الأنماط المختلفة، وتحسين الخدمات المقدمة، واستخدام القرارات المعتمدة على البيانات لنشر حافلات جديدة وإجراء أنواع مختلفة من التحليل.
وأكد أنه مع انتهاء المشروع، تم توفير البيانات المجمعة على جميع شبكات النقل العام الرئيسية، المواصلات العامة والحافلات والسكك الحديدية الخفيفة.
ووفقا لحجازي أيضا، فقد تم إنشاء خريطة إمكانية الوصول لأديس أبابا بمساعدة البيانات، والتي مكنت أيضا من تنفيذ العديد من مشاريع التخطيط الحكومية بما في ذلك تطبيق التوجيه الذي صممه قسم علوم الكمبيوتر بجامعة أديس أبابا، وإقامة احتفال كبير لتدشين أول رحلة باستخدام الخرائط التي صممناها للمواصلات هناك.
سكاي نيوز