تجاوزت الحكومة الليبية أمس الأول تهديد الثوار السابقين باجتياح العاصمة طرابلس بعد خمس ساعات المهلة التي منحوها لأعضاء المؤتمر الوطني الليبي العام (البرلمان) لتقديم استقالتهم، وبعد ساعات حبست فيها الأنفاس خرج رئيس الحكومة الليبية علي زيدان ليعلن التوصل إلى (تفاهم) لكنه لم يقدم أي ايضاحات حول طبيعة هذا التفاهم.
التفاهم الذي عصم دماء الليبيين من سيناريو محتمل وكارثين ولم يفصح زيدان عن تفاصليه، قال عنه رئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا طارق متري لوكالة الصحافة الفرنسية إنه يتضمن إعطاء فرصة للحوار السياسي على قاعدة إجراء انتخابات عامة مبكرة.
التفاهمات والتسويات المؤقتة لن تضع حدا للأزمة السياسية والفوضى الأمنية التي تعيشها ليبيا التي تحتفل بالذكرى الثالثة لرحيل نظام القذافي، بينما لا تزال الدولة الليبية غير قادرة على إحكام السيطرة الأمنية في ظل نشاط مكثف للمليشيات والثوار السابقين الذين باتوا يستخدمون قوة السلاح من أجل فرض الأجندة السياسية، الأمر الذي عطل استكمال المؤسسات السياسية للدولة الليبية الحديثة، ورغم أن بعض عناصر هذه المليشيات استجابت لنداء الحكومة وانخرطت في صفوف قوات الجيش والشرطة ولكنها بحسب خبراء في المجال لا تزال غير منضبطة وتدين بالولاء للقبائلها أو مناطقها الجهوية أكثر من الدولة المركزية، وتشكل هذه المليشيات ما يعرف بالدولة داخل الدولة.
الآن للخروج من الأزمة الليبية الراهنة بات الطريق نحو انتخابات مبكرة هو الحل، ولكن المخاوف سوف تظل قائمة في وجود هذه المليشيات وانتشار السلاح خارج أيدي القوات النظامية المخاوف تتعاظم من أن تفضي هذه الفوضى الأمنية الراهنة وهشاشة المؤسسات السياسية إلى انتخابات مبكرة مختلف حول نتائجها لأن هذه المليشيات التي تعودت خلال الأعوام الثالث الماضية أن تأخذ مطالبها السياسية عبر فوهة البندقية لن تقبل بنتائج الانتخابات إذا لم تتوافق مع هواها وهو سيناريو متوقع جدا، لأن التجربة الديمقراطية في ليبيا تحتاج إلى الصبر عليها حتى تتكامل مؤسساتها في غضون السنوات المقبلة
المسار الديمقراطي في حالة ليبيا هو المسار الحتمي للخروج من هذه الأزمة، ولكن إلى أين سيقود هذا المسار في حال لم يتم تعبيد وتهيئة المسار نفسه، وهذه يقودنا إلى الجدل الدائر الآن بين الأوساط السياسية في ليبيا حول ترتيب الأولويات في هذه المرحلة وأيهما يأتي أولا استباب الأمن والاستقرار أو إرساء دعائم الحكم الديمقراطي في البلاد، وبالتالي على الليبيين الحريصين على الاستقرار وقطف ثمار ثورة السابع عشر من فبراير الانكباب على حوار وطني واسع يتلمس الخروج من هذا المأزق ولكن بشرط استبعاد استخدام القوة العسكرية في العملية السياسية بليبيا المستقبل.
العالم الآن – صحيفة اليوم التالي