أثار الكشف عن تكوين مجلس شركاء الحكم بلائحته الأولى الكثير من اللغط وقوبل بالرفض من مجلس الوزراء والحرية والتغيير وبعض الحركات المسلحة ، وبعد جولة من التفاوض بين الشركاء تم الاتفاق على لائحة جديدة تم الإعلان عنها بعد انعقاد أول اجتماع للمجلس (أمس الأول) حيث تم الكشف عن اختصاصات المجلس وسلطاته، وبرغم البيان الذي صدر عقب الاجتماع إلا أن الغموض مازال يكتنف المجلس ودوره في المرحلة القادمة والقبول به من جميع الأطراف..
اللائحة الأولى المعلنة
نصت لائحة مجلس شركاء الحكم قبل التعديل بمطلع نوفمبر الماضي على أن المجلس يتكوّن من الحرية والتغيير والمكون العسكري بالمجلس السيادي والأطراف الموقعة على اتفاق السلام بجوبا وبحسب اللائحة، اقترح تشكيل المجلس من رئيس الوزراء و(13) كممثلين للحرية والتغيير و(5) أعضاء ممثلين للمكون العسكري بالمجلس السيادي و(6) أعضاء ممثلين للأطراف الموقعة على السلام بجوبا واثنين يختارهما المكون المدني بالسيادي كمراقبين، واثنين يختارهما مجلس الوزراء كمراقبين اللائحة المقترحة على رئاسة رئيس مجلس السيادة لمجلس شركاء الفترة الانتقالية ورئيس الوزراء نائباً له، وأن يقوم الرئيس بالدعوات للاجتماعات، كما نصت اللائحة المقترحة على تكوين سكرتارية من كل مكونات المجلس مهمتها متابعة الاجتماعات ومتابعة تنفيذ قرارات المجلس. كما نصت اللائحة على إمكانية تبديل كل مكون لممثليه، وحددت اللائحة المقترحة مهام المجلس في تنسيق الرؤى والمواقف بين أطراف الوثيقة الدستورية وحل التباينات التي تطرأ بينهما، والتوافق على السياسات الوطنية العليا ومتابعة القضايا الاستراتيجية، بالإضافة للعمل على إنجاح الفترة الانتقالية وضمان تنفيذ الوثيقة الدستورية.
ونصت اللائحة على أن تكون اجتماعات المجلس أسبوعية يدعو لها رئيسه، مع وجود اجتماعات طارئة يدعو لها الرئيس او الرئيس المناوب ويتخذ المجلس قراراته بالتوافق او بأصوات ثلاثة أرباع الحضور في اجتماع قانوني، على أن يكون الاجتماع القانوني بحضور ثلث أعضاء المجلس..
الاجتماع الاول للمجلس
انعقد امس الاول بالقصر الجمهوري الاجتماع الأول لمجلس شركاء الفترة برئاسة رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان ، وبحضور رئيس مجلس الوزراء د. عبد الله حمدوك ، وممثلي أطراف الاتفاق السياسي، وأطراف العملية السلمية.
وناقش المجلس وأجاز لائحة تنظيم أعماله على أن تكون جزءًا مكملًا للمرسوم الدستوري الذي شُكل بموجبه مجلس شركاء الفترة الانتقالية.
وحددت اللائحة التي تنظم أعمال المجلس طبيعته واختصاصاته وسلطاته، وهى دعم مؤسسات الفترة الانتقالية لخدمة مصالح السودان العليا وحشد الدعم اللازم لضمان نجاح المرحلة الانتقالية، وتنسيق العلاقات بين شركاء الفترة الانتقالية، وأن يكون المجلس مرجعا في حل التباينات في وجهات النظر بين الأطراف المختلفة، على أن يصدر المجلس اللوائح الداخلية التي تنظم أعماله وتكون قراراته ملزمة لكل أطرافه، وذلك دون الإخلال بصلاحيات وسلطات مؤسسات الفترة الانتقالية من مجلس سيادة ومجلس وزراء والمجلس التشريعي.
وشدد الجميع على النص في اللائحة على أن العمل في مجلس الشركاء طوعي، وأن أعضاءه لا يتمتعون بأي مخصصات مالية من الدولة.
وحث مجلس الشركاء جميع الأطراف، على الإسراع في تكوين أجسام الفترة الانتقالية، مجلس السيادة ومجلس الوزراء والمجلس التشريعي والولاة والمفوضيات القومية، وتكوين الآليات والهياكل اللازمة لتنفيذ اتفاق السلام، وتعيين سكرتارية المجلس التي تمثل كل الأطراف في أسرع وقت.
كما توافق الاجتماع بالإجماع علي تسمية د. مريم الصادق المهدي، ناطقاَ رسميا باسم المجلس تقديرا لدور المرأة السودانية، وأكد الاجتماع على ضرورة مشاركة جميع القوى الوطنية وقوى الثورة الحية في إنجاح الفترة الانتقالية في مختلف مستويات وأجهزة الحكم، على أن تفصل لاحقا بتشاور واسع معهم.
البرهان يرأس الاجتماعات
عضو اللجنة المركزية للحرية والتغيير جعفر حسن اكد ان مجلس شركاء الحكم من افضل المبادرات التي قامت بها اطراف الحكم المختلفة ، مثمنا دور المجلس في حل النزاعات والصراعات بالنقاشات المستفيضة ، وصولا لرؤية موحدة حول القضية محل النقاش عبر تكامل الادوار.
و اوضح حسن في حديثه لـ(السوداني) انهم في الحرية والتغيير يجتمعون بمجلسي السيادة والوزراء في (الاجتماع الثلاثي)عند مناقشة اي قضية بغرض الوصول لراي سياسي يتوافق عليه الجميع خاصة في القضايا الكبيرة ويتم فيه البت بها كقضية طلب امريكا لتطبيع السودان مع إسرائيل.
وقال حسن إن فكرة إنشاء مجلس شراكة أتت نسبة لتداخل السلطات بين مجلسي الوزراء والسيادة والذي يتضح عند حدوث بعض المشكلات، فكان اقتراح تشكيل مجلس يجمع اطراف الوثيقة الدستورية لحسم الجدل.
ولفت حسن الى ان المرسوم الذي خرج كان النقاش مستمرا به وبلائحته ، مشيرا الى ان التفوض حولها استمر وتم تصحيح الاخطاء فخرجت تبعا لذلك لائحة اتفق الجميع على صلاحياتها واختصاصاتها.
وقطع حسن بان رئيس مجلس السيادة الفريق اول عبد الفتاح البرهان منوط به رئاسة اجتماع المجلس لجهة انه يمثل راس الدولة ، لافتا الى ان اي عضو بمجلس السيادة بما فيهم المدنيون يعتبرون راس الدولة ويمكن ان يرأسوا الاجتماعات بحسب برتوكولات الدولة وفي غيابهم يمكن ان يراس المجلس رئيس الوزراء.
واكد حسن حدوث نقاش بان يكون رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك رئيسا للمجلس ، مشددا ان هذا يتعارض مع الدستور وحمدوك نفسه قال لا ارغب في المنصب.
واضاف: رئيس المجلس لديه الحق في دعوة من يرغب وتمت دعوة حمدوك للاجتماع على هذا الاساس ،منوها الى ان هنالك توافقا تاما من جميع الاطراف على المجلس وعدد مقاعد كل طرف.
هيئة استشارية تنسيقية
الصحفي والمحلل السياسي عثمان ميرغني يذهب في حديثه لـ(السوداني) بالتأكيد ان مجلس شركاء الحكم مجرد هيئة استشارية وتنسيقية بين الشركاء الثلاثة (الحرية والتغيير والمكون العسكري في مجلس السيادة والجبهة الثورية) ، مشددا على ان مهمته تشاورية وليس له اي مهمة اعتبارية اخرى وانه فقط ملتقى يجمع بين رؤى هذه القوى.
ونفى ميرغني ان يصدر المجلس قرارات أو توصيات ، منوها الى ان المجلس يخرج بتوصيات يمكن الاخذ بها او العكس بالاجهزة التنفيذية او مستويات الحكم الاخرى كمجلسي السيادة و الوزراء او التشريعي والولايات.
وقال ميرغني ان المجلس جسم غير موجود في التسلسل الهرمي لاجهزة الدولة ، مشيرا الى انه ليس له شخصية اعتبارية.
واضاف: يبدو ان هذا تم تصحيحه بعد ان تم الكشف بخلافه بالمرسوم الاول وتم سحب كلمة الرئيس واصبح بدلا من رئيس المجلس، رئيس يرأس جلسات المجلس لان ليس هنالك شخصية اعتبارية للمجلس.
واردف: بدأ المجلس لخطوته الاولى بخلافات اضاعت الكثير من الوقت، و من الواضح انه يكرس للخلافات بدلا من ان يوجد آلية لحل هذه الخلافات، في تقديري الخاص إذا عجزت أجهزة الدولة ومؤسسات الحكم الاخرى عن التناغم والانسجام والعمل بروح واحدة ورؤية واحة من الصعوبة بمكان ان يحل ذلك جسم مواز آخر ، بل سيعقد الامر ولن يحل مشكلة.
تكوين المجلس مسبقا
رئيس مجلس السيادة الانتقالي، الفريق اول ركن عبد الفتاح البرهان، أعلن مطلع نوفمبر الماضي عن تشكيل مجلس شركاء الفترة الانتقالية مكونا من (29) عضواً وهم: الفريق اول عبد الفتاح البرهان والفريق أول شمس الدين كباشي والفريق ياسر العطا والفريق ابراهيم جابر والفريق عبد الرحيم دقلو ودكتور عبد الله حمدوك، فيما نالت الحرية والتغيير (13) عضواً وهم: عمر الدقير وعلي الريح السنهوري وطه عثمان إسحاق ومحمد ناجي الأصم وفضل الله برمة ناصر ومريم الصادق المهدي وبابكر فيصل بابكر وحيدر الصافي شبو وكمال حامد بولاد ويوسف محمد زين وجمال إدريس الكنين ومعاوية حامد شداد ومحمد فريد بيومي. ونالت الجبهة الثورية تسعة مقاعد ويمثلها مالك عقار اير ومني اركو مناوي والهادي إدريس يحيى والطاهر أبكر حجر وخميس عبد الله أبكر وجبريل ابراهيم والتوم الشيخ هجو. وخصص مقعدان لمؤتمر سلام شرق السودان، وحددت اللائحة اختصاصات المجلس وسلطاته في توجيه الفترة الانتقالية بما يخدم المصالح العليا للسودان، وحل التباينات ووجهات النظر المختلفة وحشد الدعم اللازم لإنجاح الفترة الانتقالية.
السوداني