اعتبرت صحيفة واشنطون بوست أن الغاء الولايات المتحدة رسمياً وضع السودان كدولة راعية للإرهاب، سيزيل أكبر عائق أمام وصول السودان إلى مؤسسات الإقراض الدولية والتنمية الاقتصادية، فيما قالت مراكز تفكير أمريكية إن الخطوة لها تأثيرها الانساني.
مكاسب متوقعة:
وأشارت الصحيفة الأمريكية الى أن بعض فوائد هذه الخطوة ستكون فورية، لا سيما في التجارة والأنشطة المالية اليومية، لكنها اعتبرت أن التغييرات الأكبر ستأتي فقط مع الاستثمارات الكبيرة من أكبر مؤسسات الإقراض في العالم.
وكان السودان قد دخل في برنامج مراقبة مدته عام واحد مع صندوق النقد الدولي في سبتمبر من هذا العام، ومن المتوقع بعد ذلك أن يتلقى قروضًا واستثمارات واسعة النطاق لإنعاش اقتصاد أهلكه التضخم المتصاعد والبنية التحتية المتهالكة وعجز الشركات الأجنبية عن الاستثمار بسهولة.
وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة رفعت معظم عقوباتها الثنائية على السودان في العام 2017، لكن استمرار تصنيفها كراع للإرهاب حد من الكثير من إمكانيات نمو اقتصادها.
تحفيز أمريكي:
من جانبها مضت وكالة “أسوشييتد بريس” في ذات الاتجاه حيث اعتبرت أن رفع إدارة الرئيس دونالد ترامب اسم السودان من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب، خطوة قد تساعد السودان في الحصول على قروض دولية لإنعاش اقتصاده المنهك وإنهاء حالة العزلة الحالية.
ولفتت الوكالة الأمريكية الى أن شطب السودان من القائمة يعد حافزًا رئيسيًا للحكومة في الخرطوم لتطبيع العلاقات مع إسرائيل. حيث اتفق البلدان على إقامة علاقات دبلوماسية كاملة، مما يجعل السودان الدولة العربية الثالثة – بعد الإمارات العربية المتحدة والبحرين – تتحرك لتطبيع العلاقات مع إسرائيل هذا العام. وأقام المغرب مؤخرا أيضًا علاقات دبلوماسية مع إسرائيل.
العلاقة مع اسرائيل:
من جانبها احتفت وسائل اعلام اسرائيلية بالخطوة، وقالت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” تحت عنوان “كجزء من الصفقة الإسرائيلية… الولايات المتحدة تزيل السودان رسميًا من قائمة الدول الراعية للإرهاب”، وقالت إن هذه الخطوة تأتي في سياق تطبيع السودان الأخير للعلاقات مع إسرائيل بوساطة من واشنطون، مشيرة الى أن السودان أكد في أكتوبر الماضي موافقته على الصفقة مقابل شطبه من القائمة الإرهاب الأمريكية، معترفًا لأول مرة بوجود صلة بين الاثنين، وهو ما تم نفيه سابقًا بحسب الصحيفة.
فيما قالت صحيفة جيروزاليم بوست إن هذه الخطوة تأتي بعد فترة مراجعة للكونجرس استمرت 45 يومًا بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن نيته إزالة السودان من القائمة، والتي تزامنت مع الإعلان عن عزم إسرائيل والسودان تطبيع العلاقات بينهما.
ضغوط اسرائيلية:
ولفتت الصحيفة الاسرائيلية الى أن إدارة ترامب وعدت بتمرير مشروع قانون لا يمكن بموجبه رفع دعاوى قضائية أخرى ضد السودان لدعمه السابق للإرهاب، والذي تضمن استضافة القاعدة وزعيمها أسامة بن لادن لعدة سنوات في تسعينيات القرن الماضي، بعد أن دفعت أكثر من 300 مليون دولار لضحايا الإرهاب الذين رفعوا دعوى ضد الخرطوم بالفعل، مشيرة الى أن مشروع القانون واجه عقبات في الكونجرس، وخاصة من أعضاء مجلس الشيوخ الذين يسعون لجعل ضحايا 11 سبتمبر قادرين على مقاضاة السودان.
وكانت الخرطوم قد نقلت رسالة إلى وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو مفادها أنها لن تمضي قدمًا في العلاقات مع إسرائيل إذا لم يتم تمرير قانون الحصانة القانونية بحلول نهاية عام 2020.
وأشارت الصحيفة الى أن المسؤولين الإسرائيليين كانوا يضغطون على الكونجرس لتمرير مشروع القانون، دون اتخاذ موقف بشأن ضحايا 11 سبتمبر.
الآثار الإنسانية:
من جانبه استعرض مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطون الآثار الإنسانية المترتبة على شطب السودان من قائمة الإرهاب، حيث اعتبر الباحثون أن شطب اسم السودان من القائمة يعتبر أولوية بالنسبة للحكومة الانتقالية منذ الإطاحة بنظام البشير. ويقترن الإزالة باتفاق ثان يعيد الحصانة السيادية للسودان، ويمنع المزيد من الدعاوى القضائية ضد السودان في المحاكم الأمريكية. علاوة على أن الشطب من القائمة سيسهل مسار السودان نحو تخفيف عبء الديون والقروض في المنتديات متعددة الأطراف، وهي إجراءات ستتمكن الولايات المتحدة حاليا من دعمها.
وأشاروا الى أن الحكومة السودانية ستكون قادرة على الاستفادة من تمويل التنمية، وزيادة قدرتها على الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في الجنوب، وفي الوقت نفسه معالجة التضخم المرتفع الذي يخفض القوة الشرائية للمواطنين. ولا يزال السودان يتحمل 62 مليار دولار من الديون الخارجية، بما في ذلك ما يقرب من 3 مليارات دولار مستحقة لمؤسسات مالية دولية. حيث تواجه الحكومة الانتقالية قرارات صعبة في الوقت الذي تقوم فيه بالتوفيق بين الأولويات المتنافسة لتلبية الاحتياجات الإنسانية بحسب التقرير.
السوداني