ما كنت اود ان اكتب عن حركة كوش مرة أخرى، وقد كتبت عدة مرات عنهم، ولكنهم يجبرونك، ويدفعونك دفعاً لفتح ملفهم.
وحتى لا يصبح الحديث مكرراً عن بطولاتهم الزائفة، التي لم نجدها إلا في الأسافير، وإصرارهم المدهش على أنهم يمثلون الأرض النوبية، وأنهم من يتصدون للقضايا النوبية، وأنهم من فرضوا الوجود النوبي في كارثة جوبا، التي أسموها اتفاقية سلام جوبا، ونالوا حظهم من المناصب والمكاسب، أو في حقيقة الأمر يسعون إلى ذلك.
وعندما بدأت اتفافية جوبا تؤتي ثمارها المادية من نثريات وسكن فاخر في الفنادق والسفريات الخارجية والسيارات الحكومية، والظهور الإعلامي، بدأت حالات الانهيار الكلي والانقلابات الداخلية، والإقالات بصورة تدعو إلى الرثاء على مستوى تفكير هؤلاء. بمجرد أن بدأت اولى العلامات أن الحكومة الانتقالية بدأت أو ربما بدأت في التفكير في دفع بعض النثريات لقادة الجبهة الثورية حدث هذا الانشقاق داخل حركة كوش.
والرئيس الجديد او الرفيق كما يسمونه يبرر الإقالة للقائد السابق بنداك بأن التغيير طبيعي، وأنه قضى ١٦ عاماً في قيادة الحركة، وجاء وقت التغيير، وضخ دماء جديدة في قيادة الحركة، وانا أسأله: ضخ دماء جديدة أم ضخ اموال جديدة ؟
وماذا فعل القائد السابق، على مدى ١٦ عاماً كما تقولون؟ وماذا ستفعل أنت؟
عندما قابل شباب كجبار رصاص الغدر بصدورهم العارية، كانت قيادتكم تمتطى أفخر السيارات، وتجوب أرض الولاية برفقة قادة النظام السابق، هل تستطيعون إنكار هذه الحقيقة؟
قائدكم وقف أمام كاميرات الإعلام وتحدث عن القرار ٢٠٦ (قرار نزع الأراضي لصالح وحدة السدود) .. تحدث عن أنهم نجحوا في إلغاء القرار، وللاسف هو لا يعلم عن القرار شيئاً، ولا يعلم حتى عن المناطق التي يشملها القرار الرئاسي، الذي أصدره البشير لصالح وحدة السدود .. والذي لا يعلمه بنداك أن الوالي العسكري السابق للولاية اللواء الساعوري كان قد أعلن عن إلغاء القرار حتى قبل بدء مفاوضات جوبا .. وتأسفت غاية الأسف ان يقف قائد حركة كوش ليتحدث عن قرار هو لا يعلم عنه شيئاً، فكانت فضيحة مجلجلة.
وعندما دبّ الخلاف وسط الرفاق بدؤوا في نشر الاتهامات المتبادلة بصورة يندي لها الجبين خجلاً. بين يدي عدة تسجيلات صوتية، وكتابات في قروباتهم الخاصة، انتشرت كما النار في الهشيم .. اتهامات متبادلة بين الجميع .. وتشكيك في الذمم المالية (وأنا استلمت مبلغ كذا، ودفعت لفلان وعلان، والباقي سلمتو لفلان).
واحتراماً لخصوصياتهم التي فشلوا هم في الحفاظ عليها، نمتنع عن نشر الأسماء والتسجيلات الصوتية، والكتابات، التي تكرّم أحد الإخوة بإرسالها لي.. والغريب أن من قام بإرسالها لي لا يمت بصله لحركة كوش، وهذا يعني ان تفاصيل صراعاتهم أصبحت متاحة للجميع.
هذه الحركة الهلامية التي تضخمت إعلامياً بعد انضمامها للجبهة الثورية. للأسف الشديد اصبحت ألعوبة في يد الجبهة الثورية، التي سعت إلى ضمها إليها، حتى يقال إن الجبهة الثورية تمثل كل السودان، واخترعوا مسارا اسمه مسار الشمال، وتشدق رئيس حركة كوش، وصدق نفسه أنه بالفعل يمثل الشمال.
ورغم عدم اعترافنا أصلاً بمجلس شركاء الانتقالية بشكله الحالي ..دعونا نسأل بنداك ورفاقه في كوش: أين أنتم من هذا المجلس؟ ولماذا لم يتم اختيار أحدكم لتمثيل مسار الشمال؟ ولماذا ارتضيتم لأنفسكم بهذا الموقف الهزيل كحركتكم؟ .. تم اختيار مقعدين للشرق حتى بدون وجودهم .. أما انتم فقد تم ركلكم خارج هذا المجلس.. وقالوا لكم: كتر خيركم .. انتهى دوركم هنا، وسنمنحكم بعض الوظائف في ولايتكم أو في المركز، وهذا يكفيكم!!
وأنا كنوبي أقول لكم كما قال لطفي بوشناق: خذوا المناصب .. خذوا المكاسب ..خذوا الأموال واتركوا لنا أرضنا النوبية ،فأنتم اقل قامة من تمثيل شعب وأرض امتدت حضارته آلاف السنين. نحن أحفاد ترهاقا وبعانخي لن نسمح لكم أن تهينوا كرامة الإنسان النوبي أكثر من هذا.
خذوا مناصبكم، واتركوا لنا أرضنا.
رمزي المصري-صحيفة التحرير