هذا مثل مصري شهير مؤداه أن أسهل شئ للحرامي ان يطلب منه أداء القسم، فحين يطلب منه ذلك تتهلل أساريره ويقول سرا جاءني الفرج، فحلف اليمين يمثل بالنسبة له قارب النجاة والفرج، وفي المثل أيضاً اشارة لظاهرة آثمة وتعتبر جريمة بكل المقاييس وهي استسهال البعض لأداء القسم زوراً، وتشير بعض التقارير الصحفية الى وجود هذه الجماعة في سوح المحاكم لأداء هذه الجريمة بمقابل مادي، ومما تحكيه أضابير القضاء السوداني عن ظاهرة الحلف الكاذب، أن اعرابياً بأحد الأرياف تم القبض عليه متلبساً بجريمة سرقة عتود ، واقتيد الى المحكمة الريفية على ذمة هذه القضية ،ولكنه أنكر التهمة ( حطب ) عند مثوله أمام القاضي ، وكاد القاضي أن يطالبه بأداء القسم على المصحف الشريف ، قبل أن يستدرك سريعاً استهانة أهل ذاك الصقع بالمصحف واستعدادهم للقسم عليه حانثين مئات المرات ، بينما يخشون جداً القسم على مصحف أثري يخصهم ، ليأمر القاضي بجلب ذاك المصحف الأثري ، فجئ به محمولاً مثل عنقريب الجنازة بواسطة أربعة رجال أشداء من فرط ضخامته ، وضعوه أمام المتهم وأمره القاضي أن يقسم عليه بعدم سرقة العتود ، ولكن المتهم بدلاً من أن يقترب من ذاك المصحف ويضع يده عليه توطئة لترديد القسم، اذا به يقفز خطوتان الى الخلف ويصيح فزعا ( أفو .. يا حضرة القاضي إت ما بتخاف الله، دحين أمانة في ذمتك هسع ده مصحف عتود)..
الشاهد في المثل أن كل من طالته قرارات لجنة ازالة التمكين واسترداد الأموال المنهوبة، ينفي عن نفسه أية شبهة فساد أو استغلال للنفوذ والسلطة، بل ويدفع بأن ما حصل عليه من أموال وضياع وشركات وعمارات الخ الخ، من لعاعات الدنيا التي كان يقول عنها كذبا (ما لدنيا قد عملنا وهي لله هي لله لا للسلطة ولا للجاه)، أنه حصل على كل هذا الكم المهول من الاموال والاملاك من عرق جبينه وكد يمينه، ليس ذلك فحسب بل يتنطع متحدياً بأن من لديه مستندات وأدلة على فساد امتلاكه لكل هذا الخير العميم ان يذهب بها للقضاء، وربما يطالب بتعويض لاشانة سمعته، والذهاب الى القضاء هنا كلمة حق يراد بها باطل، فليس كل من يبرئه القضاء لعدم كفاية الادلة يكون بريئاً، فالقاضي يصدر حكمه بناء على ما يتوفر أمامه من حيثيات وعقودات قد تكون سليمة ظاهرياً ولكنها تخفي وراء أكمتها ما وراءها، ومثل هذا الحكم يعيد للأذهان القاعدة العدلية الشهيرة التي تقول (ليس القانون هو الذي يملي ما هو عادل، بل العدالة هي التي تفرض ما هو قانوني، فحين يكون الصراع بين القانون والعدالة، فعلينا أن نختار العدالة وأن نعصي الشرعية، لأن ما يجب أن يلهم الإنسان في سلوكه ليس ما هو شرعي بل ما هو مشروع، وتحضرني هنا حكاية احد محظيي النظام البائد الذي امتلك 500 محل تجاري بأحد الأسواق وفق تعاقد تم بينه والمحلية، ولكن المحلية وفي خطوة تصحيحية لهذا الفساد البين تراجعت والغت التعاقد وازالت المحال التجارية، فلجأ المحظي للقضاء مطالباً بتعويض ملياري فحكمت المحكمة لصالحه، وتقديري أن هذا الحكم يجسد عملياً عبارة القانون حمار.. فهل بربكم من العدالة ان تتم تبرئة من صار رجل أعمال كبير في عدة أشهر او سنوات قليلة لا تتجاوز اصابع اليد،وامتلك رتلاً من السيارت وتمتع بالزيارات والسفريات السياحية ورحلات الصيد بغابات افريقيا، ويقوم على خدمته وخدم وحشم ويحرسه حراس اشداء غلاظ، ويقضي اجازاته في جزر الكناري والشانزليزيه وهاواي وهونولولو، ولا ينسى ان يغشى محلات المساج بالصين، فهل مثل هذا تتم تبرئته بما يقدمه من مستندات وعقودات دون ان يسأل من أين حصل على هذا وكيف حصل عليه.
***********
حيدر المكاشفي – صحيفة الجريدة