هاجر سليمان تكتب: مجلس شركاء الفترة الانتقالية

البلاد مقبلة على مرحلة جديدة تمثل تحدياً حقيقياً للحكومة المدنية التى يبدو لى والله اعلم انها تتهاوى وبدأ العد التنازلى لانهيارها، ويبدو ذلك واضحاً من خلال المعطيات التى ظهرت أخيراً مع بدء تشكيل مجلس شركاء الفترة الانتقالية، وانسحاب عدد كبير من عناصرها المدنيين بحواضنهم السياسية المختلفة وظهورهم بمظهر المتفاجئ بنص المادة (٨٠) وكأنهم لم يشاركوا يوماً في صياغتها وابداء الموافقة حولها فأين كانت عقولهم وقتها؟؟
الشواهد تشير الى انه حينما تمت صياغة المادة (٨٠) بمشاركة المدنيين وتمريرها من بين ايديهم لم يكونوا وقتها فى كامل وعيهم، فقد كانوا مشغولين بكراسي السلطة الوثيرة والسيارات الفارهة والاموال والتصريحات الاعلامية المتضاربة والمخدرة فى كثير من الاحيان، لذلك لم يستوعبوا المعنى المغلف من وراء تلك المادة التى تشير بطريقة غير مباشرة الى انه بتكوين مجلس شركاء الفترة الانتقالية يكون بذلك قد سحب البساط من اسفل اقدام المدنيين واصبحت قراراتهم عديمة جدوى، وبات من الممكن الاستغناء عنهم فى أية لحظة.. يعنى باختصار اعطت تلك المادة حق تشكيل حكومة عسكرية بحتة واقصاء المدنيين، فحتى شركاء المجلس وغالبيتهم من الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق سلام جوبا هم من مؤيدي ومناصرى الحكم العسكري، وتكفيكم تصريحات بعض قادتهم الايحائية والضمنية وربما الصريحة .
اضف الى ذلك انه باكتمال تشكيل ذلك المجلس ستنتهى صلاحية المجلسين السيادى والوزراء، باعتبار انه اصبح هنالك مجلس مسؤول عن اصدار القرارات وتنفيذها ومتابعتها، وبكده حتكون الحكومة العسكرية بتقول للمدنيين (باي باي) .
إن الخطوة المتخذة بغرض تعديل المادة (٨٠) خطوة متأخرة جداً توضح بجلاء مدى تهاون المدنيين وعدم اهتمامهم، مما يعنى ان الثورة قد سرقت وتفرق دمها بين الناشطين وانصاف الساسة، والموضوع انتهى واصبحت الحكاية مسألة وقت وترفرف راية الحكم العسكري من جديد، وسيعود الكيزان مرة اخرى، وسنستقبلهم بحفاوة هذه المرة، وسنطأطئ لهم الرؤوس وننحنى خوفاً واذلالا لهم، لأنه جزاؤنا وجزاء كل من شارك فى الثورة التى أتت بهؤلاء الذين فرطوا فى دماء الشهداء، فهل يعقل ان تكون لجنة اديب تعمل منذ العام الماضى وفشلت فى تحديد المسؤولين عن فض الاعتصام؟؟ بالطبع لا اصدق ذلك، ولكن اصدق صوت عقلي فقط الذي يؤكد لى ان هنالك ربما تقاطعات بين طرفي السلطة .
وبالتأكيد حينما يكتمل تكوين مجلس الشركاء ويباشر اعماله، فلن تكون مسألة معرفة المتورطين فى فض الاعتصام احدى اولويات اجندته، خاصة ان قادة الحركات المسلحة الآن يتبنون مسألة السلام والعفو عما سلف للوصول الى سودان واحد. اضف الى ذلك انهم لا يمانعون فى مشاركة (الكيزان) فى السلطة.. يعني حقكم راح.. وبدل ما الشارع يخرج احتجاجاً على تكوين المجلس الاولى له أن يدع السلطة لمن فوضهم ويعترض فقط على انعدام الخبز والوقود وارتفاع الاسعار .
واقول لأمهات الشهداء.. يا امهاتي عذراً فقد ضاعت دماء ابنائكن فى هذه الفانية ولكنها لن تضيع عند المولى عز وجل، فحسبكن الله يا امهاتى، والويل لقاتلي ابنائكم من نار جهنم.

هاجر سليمان – صحيفة الانتباهة

Exit mobile version