(1) بيان مجلس الوزراء مساء الجمعة ٤ ديسمبر ٢٠٢٠م بخصوص مجلس شركاء الفترة الانتقالية يستحق وقفة وقراءة، وأولها ان مجلس الوزراء أقر قيام مجلس الشركاء واختلف حول الإختصاصات والمهام، وثانيا: هناك ملاحظات شكلية، حول تمثيل القطاعات وتمثيل مجلس الوزراء، وتعزيز دور د. حمدوك ليكون رئيس مناوب، وكل هذه نقاط قابلة للاخذ والرد..
فقد تم في الوثيقة الدستورية المعدلة في نوفمبر ٢٠٢٠م تحديد مهام مجلس الشركاء وهي (حل التباين بين أطراف إتفاق السلام، خدمة مصالح البلاد العليا، ضمان نجاح الفترة الإنتقالية) وهي ذات ما ورد في قرار التشكيل مع خلافات صياغة يمكن الوصول لإتفاق حولها، هذا إذا كان ذلك اصل الخلاف.
كما أن التمثيل العادل للشباب والمراة تحتمه القوى السياسية والفعاليات المختلفة، فهي التي ترشح منسوبيها، مع أنني أجد الأمر أقرب (للمماحكة السياسية) أو النفاق والمزايدة منه للواقع، فالمجالس ذات الطبيعة الإشرافية ينتدب لها اهل الخبرة والدربة والكفاءة، ولذلك يختار لها اهل التجارب، كما أن مقتضيات التنسيق تتطلب قادة القوى السياسية وليس مناديب يتم التنكر لمواقفهم،كما حدث في كثير من المواقف في المرحلة الماضية وعليه فزت هذه مغالطات لا قيمة لها..
إذن ما هي دواعي أستيقاظ مجلس الوزراء فجأة، وتدبيج بيان وتحريك آلياته الإعلامية؟.. فهل جاء ذلك الموقف لإسناد رئيس الوزراء د. حمدوك أم مواقف ضرورية؟ أم هناك أجندة أخرى؟
(2)
وقبل تقديم شروحات نتوقف عند نقاط مهمة :
أولا: هناك قوي سياسية ذات مواقف معلنة من إتفاق السلام في جوبا، ولديها وزراء يميلون لخياراتها، و هؤلاء كلما وجدوا (كوة) أطلوا من خلالها..
وثانيا : الحراك الواسع الذي أحدثه دخول الشركاء الجدد في المشهد السياسي، وإمكانية إحداث توازنات جديدة..لقد أثارت مواقفهم ريبة الحلفاء وبدأت الأغطية تتكشف، وهذا أثار غيظ بعضهم.
وثالثا: الحاجة لدفق روح جديدة، تتقارب مع بعض القطاعات وتغازل الشباب والنساء وتحفز أطراف خاملة للتحرك بعد كمون..
و رابعا: لا نستبعد المواقف الشخصية والغيرة من ظهور أسماء جديدة (الأصم، طه عثمان) وآخرين، دون أن ننسى ان حول رئيس الوزراء طائفة أخرى من ذات المكون تجدف في إتجاه آخر..
وخامسا: أن غالب مجلس الوزراء بالتكليف، وقد أقترب أوان إعادة التشكيل مما يتطلب التودد للحواضن السياسية..
وربما كل هذه الأسباب بدرجات مختلفة تعطي صورة لأسباب (غضبة مجلس الوزراء)،دون أن نغفل الروافع السياسية في المعركة المؤجلة بين الشركاء في ليلة الوثيقة الدستورية، وكل طرف لديه اجندته وداعميه (داخليا) و (خارجيا)..
لقد اتضح ان المحرك الأساسي للمواقف السياسية، هو المصلحة الحزبية أو الشخصية، فالمؤسسة التنفيذية الأولى لم تحركها أزمات الإقتصاد وهموم معيشة المواطن وصحته وأمنه، وصرخت لمجرد قيام مجتمع إستشاري.. ايها السادة هنيئا لكم بالجحيم..
*د. إبراهيم الصديق على*