تضحك الدنيا معك..
أو قد تضحك فيك… ومنك… وعليك..
و(رجَّال) عربي أضحك الدنيا عليه… وفي بلده… ومن أقواله..
وأصل الحكاية – أو النكتة – أنّ دولته قرّرت دخول سباق الفضاء؛ بأقل كلفة..
أو هي الكلفة المادية فقط؛ مهما عظمت..
وتتمثل في (حجز) مقعد لأحد مُواطنيها في أية (سفرية) فضائية تخص بلداً متطوراً..
وبالفعل تم الحجر للرجَّال بعد (شوية) تدريبات..
وجلس داخل الكبسولة وهو لا يفهم (كُوعه من بُوعه)؛ إلى أن رجع بالسلامة..
وهلّل إعلام الدولة لـ(رائد الفضاء) العربي الأول..
وتباهى بذلك بين إعلام دول العرب – والمنطقة – بأكثر من تباهي روسيا بقاقرين..
وبأكثر من تباهي أمريكا بنيل أرمسترونج..
ولأن حبل الكذب قصير، فقد فضح الرجّال نفسه – وبلده – بمجرد أن فتح (خشمه)..
قال – لا فُض خشمه – إنه تأكد من أن الأرض (كروية)..
وتأكدت دولة الإمارات من أنها لم تحسن اختيار (الرجَّال) المناسب لهذه المهمة..
وهي مهمة أن تكون سائحاً بدرجة (رجل فضاء)..
ثم لا تفعل شيئاً سوى أن (تنجعص) في كرسيك؛ إلى أن (يفسِّحوك) رائح جاي!!..
وأضحك؛ تضحك الدنيا معك..
أو قد تضحك فيك… ومنك… وعليك..
ونفرٌ من العهد البائد كانوا قد صرخوا – منزعجين – من خبرٍ يخص الخارجية..
وخلاصته – أو عنوانه العريض – المراجعة..
ففهم المنزعجون المراجعة هذه على أنها (تطهير)..
أو بلغتهم هم؛ إحالة إلى (الصالح العام) بغرض (التمكين لأهل الولاء السياسي)..
بمعنى إنهم انزعجوا من أمرٍ هم من اجترحوا وزره..
أو على الأقل (بالغوا) فيه بأكثر مما فعل أي نظام سابق؛ حتى (مايو) في بداياتها..
فمايو نسبة (التطهير) فيها لم تتجاوز (25%)..
أما هم فقد بلغت نسبة الإحالة إلى (الصالح العام) في عهدهم الكئيب (75%)..
ثم لم نسمع من أحدهم انزعاجاً حيال هذه (المجزرة)..
ثلاثون عاماً وهم فرحون… مبسوطون… مُتمكِّنون ؛ ولا على بالهم المبعدون هؤلاء..
ولكن على بالي أنا ما لا زلت أذكره إلى يومنا هذا..
نهار أن زارني في مكتبي الشاعر الدبلوماسي الراحل سيد أحمد الحردلو..
وقدم إليَّ ورقة مطبقة؛ وهو صامتٌ… حزينٌ..
فإذا مكتوب فيها (بهذا تقرر إعفاؤكم من منصبكم… وشكراً) ؛ في أقل من سطر..
بعد أكثر من (30) عاماً خدمةً بالخارجية كان هذا (جزاؤه)..
ولم يشفع له إخلاصه… ولا خبرته… ولا لغاته الأجنبية… ولا أشعاره الوطنية..
وما درى أن الذي التمس العزاء عنده (سيلحق) به عما قريب..
ودون حتى كلمة (شكراً) هذه..
فأين كان – وقتها – المنزعجون هؤلاء الآن وأمثال حردلو بعشرات الألوف؟..
ومنهم من اُستكثر عليه حتى (نصف السطر) هذا..
وآخرون حتى بدون كلمة شكر؛ فقط يغور في ستين داهية… وخلاص..
وأضحك؛ تضحك الدنيا معك..
أو قد تضحك فيك… ومنك… وعليك..
و(الرجَّال) العربي اكتشف المكتشف أصلاً؛ كروية الأرض..
ورغم ذلك فهو أفضل حالاً من (رِجَالات) عندنا لم يكتشفوا حتى كروية الأيام..
أيام السلطة… والعز… والجاه… والضحك مع الأيام..
وذلك مصداقاً لقوله تعالى (وتلك الأيام نداولها بين الناس)..
فقد غرتهم أيام الدنيا فاستغرقوا معها ضحكاً؛ ونسوا أنها قد (تنقلب) عليهم..
وحينها تضحك منهم… وفيهم… وعليهم..
ولكن شتان بين من يضاحكها – وتضاحكه – ظالماً؛ ومن تُضحكه من بعد ظلم..
سيما إن كان ظلماً تطاولت (أيامه) المبُكية..
فالمظلوم – وحده – هو من يستحق مقولة (يضحك كثيراً من يضحك أخيراً)..
فيا أيها المظلوم من تلقاء الضاحكين بالأمس… الباكين اليوم..
أضحك!!.
صلاح الدين عووضة-صحيفة الصيحة