لا أحد ينكر أن الوضع الاقتصادي في البلاد يعاني أزمات حادة مستمرة باستمرار إصرار الحكومة على سياساتها العقيمة في معالجة القضايا، او البعد المقصود والإنزواء بعيداً عن دائرة الحلول للحد من هذه المعاناة، وكأنهم يريدون ان تسير الأمور كما هي الآن، ولكن يبدو أن مساحات الأزمة تتسع، لتصل حداً من (الحاجة العكسية) ، فبدلاً من ان ينتظر المواطن من الحكومة ايجاد حلول لأزماته الاقتصادية من توفير اهم ما يحتاجه من غذاء ودواء ، يبدو ان الحكومة الآن تفكر ملياً في ان يقف المواطن معها في أزماتها، أمر في غاية الغرابة يجعلك تسأل نفسك عشرات المرات ان وصل الأمر هنا عند نقطة تتجاوز حدود الغرابة لتدخل نفق من الخوف فإن كانت الحكومة عاجزة عن دفع ما تستحقه وزاراتها من مبالغ مالية، ماذا ننتظر نحن منها، وكيف لها ان تفتح لنا نافذة من الأمل والعشم في ان يكون القادم أفضل مما نحن فيه.
وانتهجت وزارة الصحة اسلوباً جديدا من فنون الحلول الغريبة أشبه بالتسول عندما طلبت من المنظمات الطوعية دفع استحقاقات الكوادر الصحية وحملت لجنة أطباء السودان المركزية وزارة الصحة والإخصائيين فشل وتوقف المستشفيات، وانتقدت اللجنة طلب وزارة الصحة بولاية الخرطوم من المنظمات الطوعية دفع استحقاقات الكوادر وتساءلت، هل يعقل أن تطلب الدولة متمثلة في وزارة الصحة من المنظمات التطوعية أن تدفع استحقاقات الكوادر الطبية..؟، واتهمت الدولة بالفشل في ضمان تقديم الخدمات العلاجية لغير مرضى كورونا، ورأت أن عدد ضحايا انهيار النظام الصحي لغير المصابين بكورونا يكاد يوازي أو يزيد عن ضحايا كورونا، وفيما يتعلق بتوفير التمويل اللازم لاستيراد الدواء وتصنيعه محلياً، قالت لجنة الأطباء المركزية: (مضت أشهر ولم يحدث شيئاً حتى صار (شيك الضمان) الذي يجب أن يوفره بنك السودان المركزي بتوصية من وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي جنداً أساسياً في أي نقاش يخص الصحة كما ان قيادات الدولة في أعلى مستوياتها (السيادي، والتنفيذي) لا يملكون الإرادة لإصلاح حال النظام الصحي وأن جائحة كورونا جاءت في ظل نظام صحي منهك وظروف اقتصادية وسياسية بالغة التعقيد، ونوهت إلى أن قطاع الصحة وجد اهتماماً مهنياً منقطع النظير
والسؤال هنا يطرح نفسه أين هي لجنة الطواري الصحية لمجابهة كورونا، التي دخلت في صراع مفتعل مع دكتور أكرم التوم الوزير السابق، الذي حاربته اللجنة حرباً شعواء وصنعت منه شخصاً خطيراً يهدد المجتمع أكثر من الفايروس نفسه ، ولماذا صمتت الاصوات فجأة عن العديد من الأخطاء التي تجعل المرض ينتشر بهذه الكثافة.
وهل انتهى دور اللجنة بعد (مكاوشة) الأموال والاستيلاء على الارقام الضخمة التي تدفقت من خارج السودان ، وفشلت اللجنة حقاً في تمويل الأنشطة الأساسية في مراكز العزل والتي تشمل استحقاقات العاملين وحمايتهم، كما اتهمتها اللجنة ام ان السؤال عندما يختص الأمر بشخصيات بعينها يصبح سؤالاً لا قيمة له، أين ذهبت هذه الأموال، وهل اعضاء اللجنة والمسؤولين فيها جاهزون للمحاسبة وكشف الأوراق الخاصة بها، ما الذي يجعل أكرم يدخل قفص الاتهام لعدة شهور بأنه سبباً في انتشار الوباء حتى يقال من منصبه ويجعل تجار كورونا في لجنة الطوارئ الآن في معزل عن هذا القفص، إذاً من هو السبب الآن في انتشار الوباء (الموجة الثانية) من الذي يجب أن يحاسب او يقال من منصبه، لأنه تسبب في وصول عدد الإصابة في يومين الى٤٥٠ حالة ، من الذي جعل مراكز العزل ووزارة الصحة تقف متسولة الآن أمام بوابات المنظمات تحني وجهها خجلاً لتقول ( كرامة لله ) وهل وصل بنا الحال أسوأ حالاته ان تقوم منظمات المجتمع المدني العاملة في قطاع الصحة بدور الحكومة.
من الذي يريد أن يضع الكوادر الطبية الذين ضحوا بأنفسهم رملوا نساءهم ويتموا أطفالهم ومازالوا يدفعون الثمن غالياً في ظل ظروف صحية معقدة، من الذي وضعهم في هذا الموقف دون ان يستحي !؟
طيف أخير:
الجميع يهتم عندما يفوت الأوان.
صباح محمد الحسن – صحيفة الجريدة