ليت القرائن والملابسات كانت تسمح بعلاج اللواء عبد الله البشير خارج البلاد قبل موتِه، كما تمنى ‹خاله› الطيب مصطفى في مقالٍ له آخير ينتقد الحكومة بكل بجاحةٍ وقلةِ حياء !!..نذكِّر الطيب مصطفى أن أخاً لعبد الله كان قد هرب من السجن إلى تركيا، حين خُفف عنه القيد والرقابة، وبُذِلت له الثقة، فما عادت الثقة متوفرةً بحيث يُضمن رجوع عبد الله، أو غيره من مساجين الإنقاذ، إذا خرج، أو أُخرجوا، للعلاج خارج البلاد..
ولكن، على الأقل، فإنَّ عبد الله البشير، رحِمه الله، قد وجد من يصلي عليه، ويبكيه من بعد، ويودعه إلى مثواه الآخير، ويقيم له سرادقاً لتلقي العزاء، ثم يعلم مكان قبره، بعد دفنه ليكرِّر له مستقبلاً، إن شاء، الزيارات والترحُّمات !!
بكل أسف لقد قُتل في عهد تسلط (الشهيد) عبد الله البشير هذا -كما يصفه الطيب مصطفى- وأخيه اللص المشير، من لم يصلي عليهم أحد، ولا يعرف مكان دفنهم، ولا كيفيته أحد، ووقتها، لم ينبس اللواء عبد الله بكلمةٍ ‹لا› واحدة لأخيه، وكان على كلِّ لا إنسانيات أخيه، هذه من الشاهدين !!
يقول تعالى (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به..) ومع هذا، فلم يُعاقب عبد الله حتى مات، بل حُبس على ذمة التحقيق، ولقد سُمح له في الأثناء بالعلاج، وبالرعاية الطبية في أحسن المستشفيات، ثم بالدفن اللائق، من بعد الصلاة عليه من الأهل، والأقارب، وعامة المسلمين..
ما الفرق بين عبد الله هذا مثلاً، وشهداء مجزرة رمضان، الذين فيهم من هو أعلى رتبةً وتأهيلاً من عبد الله؟! أليس لهؤلاء أهلٌ، وزوجاتٌ، وذرية ؟!!!!
هل كرَّمهم البشير وإخوانه، واللواء عبد الله هذا أحدهم، على الأقل بالسماح بالصلاة والدفن اللائقيْن، كما سُمح لعبد الله أن يُكرَم بهما ؟! هل سمحوا لأهلهم بالصلاة عليهم، ووداعهم، وتلقي العزاء فيهم، ثم بدفنهم في مقابر المسلمين، كما فُعِل مع عبد الله؟!!!
هل يتذكر الطيب مصطفى ذلك ؟!
على كل حال، عند الله تلتقي الخصوم.. والموتُ واحد وتتعدد أسبابُه، ولكن الحياء، ولو قليلُه، محمدةٌ للرجال وزينة !!
د. بشير إدريس محمد زين