مع كل يوم يمر نكتشف عودة الممارسات القديمة للنظام البائد التي ثار الشعب من أحل القضاء عليها، وعودة القمع والارهاب والاعتداء على المواطنين الابرياء بأبشع الطرق، وانتهاك حقوق الإنسان والقوانين الوطنية والمواثيق الدولية!
مع كل يوم تزداد سطوة العسكر وتظهر أجهزة القمع والبطش مرة أخرى وتعود السجون السرية وبيوت الاشباح التي ظننا أننا تخلصنا منها مع سقوط نظام القمع والبطش الكيزانى واجهزة امن الحركة الاسلامية التي يدعو (جبريل ابراهيم ومالك عقار وابراهيم الشيخ واركو مناوى) للتصالح معها، ولكن يبدو اننا كنا مخطئين او واهمين او حالمين، فها هي بيوت الاشباح تظهر مرة أخرى، استبشارا بدعوة التصالح مع الحركة الاسلامية وعودة ميليشياتها وتمركزها في الخرطوم بعد مؤامرة جوبا وتوقيع الاتفاق العبثي للسلام المزعوم .. ولا ادرى أي اتفاق سلام هذا الذى لا يذهب الموقعون عليه لزيارة النازحين واصحاب المصلحة في معسكرات النزوح والقرى المحروقة ويتسمرون في الخرطوم وكأنها هي التي كانت تعانى من ويلات الحرب ومآسي النزوح واللجوء !
لمن لم يسمع بعودة بيوت الاشباح التي اكتظت بأخبارها وسائط التواصل الاجتماعي والصحف الإلكترونية نقلا عن الخبر الذى اوردته صحيفتنا بقلم الزميلة القديرة (سعاد الخضر)، أعيد نشره هنا:
“انتقدت تنسيقية لجان مقاومة كرري استمرار ممارسات النظام البائد في ظل غياب الدولة والمؤسسية بتكرار اعتقالات الثوار، وكشفت عن أسباب اختفاء عضو لجنة مقاومة الحتانة (وثاب عمر) الذي اعلنت أسرته اختفاءه، ثم تبين أنه معتقل في مكان مجهول !
جاء في البيان: “في مساءِ يوم الخميس الماضي وبعد رجوع عضو لجان مقاومة الحِتّانة (وثاب عمر) من معرض الخرطوم الدولي متحركاً نحو موقف مواصلات الإستاد، قابله شخص يرتدي ملابس ملكية وناداه باسمه معرفاً نفسه بأنه يتبع لجهةٍ أمنية ويريد أن يحقق معه تحقيقاً بسيطاً، فذهبا سوياً وركب معه وثاب في (سيارة لانسر قديمة الطراز من غير لوحات)، ليتفاجأ بركوب شخصين معه في المقعد الخلفي والجلوس بجواره، وأمروه بإنزال رأسه مستخدمين القوة، ثم تحركوا عبر كبري المك نمر إلى جهة مجهولة وصفها وثاب بأنها تبدو كمدرسة قديمة، ومن ثَمَّ أدخلوه أحد الفصول ليبدأ مسلسل تعذيب بالضرب الجسدي والعنف النفسي وممارسة التجويع والتعطيش”، واشار البيان إلى ان تلك الجهة حققت مع (وثاب) وسألته عن علاقته بتنسيقية لجان مقاومة كرري، بالإضافة إلى اعتصام محلية كرري، وسبب ذهابه لمعرض الخرطوم واتهموه بأنه ينتمى للحزب الشيوعي، وبأنه الذى وقف وراء حادثة عضو المجلس السيادي شمس الدين الكباشي بـ(الحتّانة)”.
ويضيف البيان: “في اليوم التالي تحركوا به نحو سوبا لمكان أشبه بالمعتقلات، فوجد بالمكان خمسة شباب آخرين معتقلين أحدهم من (بُري الدرايسة) يُدعى (أحمد) ذكر انه معتقل منذ شهرين بسبب شجار مع عسكري دعم سريع، وبعد ذلك تم إخراج (وثاب) وتحركوا به نحو صينية ُبري صباح (السبت)”.
واستنكرت تنسيقية لجان مقاومة كرري الحادثة، وطالبت الحكومة بالإجابة عن استفساراتها حول الجهة التي تملك سلطات التوقيف والاعتقال، وهل يحق للاستخبارات اعتقال مواطن ملكي، وبدون توجيه أي اتهام له عبر القنوات القانونية الرسمية، وما هو دور القضاء في توقيف هذه الممارسات، كما أكدت لجان المقاومة أن مثل تلك التصرفات لن تهزها، وانها لم تخرج لإسقاط ديكتاتور لاستبداله بديكتاتور جديد (انتهى البيان).
تخيلوا .. اختطاف من الشارع، واقتياد الى مكانين مجهولين، وعدد من المعتقلين قضى أحدهم في المعتقل المجهول شهرين كاملين، وتعذيب وتجويع وحرمان من ماء الشرب .. أليست هذه هي نفسها ممارسات المتأسلمين التي كان يشرف عليها نافع وصلاح قوش وغيرهم في العهد البائد .. أليست هي نفسها بيوت الاشباح التي قُتل وعذب فيها الكثيرون وانتهكت كرامتهم ولم يجدوا الانصاف الى اليوم، أو حتى التحقيق في الجرائم البشعة التي ارتكبت ضدهم .. أليست هي نفسها أجهزة القمع وانتهاك الكرامة الانسانية وقلة الادب التي ثار عليها الشعب .. فلماذا ثار الشعب وماذا تبقى للثورة إذن ؟!
لم يعد الوقت وقت بيانات ومناشدات خاصة مع وجود حكومة خانعة خائبة ومتآمرة، وإنما ثورة ثانية عارمة تقتلع المجرمين والخونة وتضع الامور في نصابها الصحيح وتعيد الحق لأصحابه .. وإلا فعلى الثورة وعلى السودان وعلى الشعب وعلى الحق السلام !
زهير السراج – صحيفة الجريدة