ما الذي يجعلنا نمسك أقلامنا وألسنتنا عن النقد الآن ونحن نرى نسخة من الإنقاذ؟

بتوع الأتوبيس !!
ما شاء الله عليهم..
هكذا صحنا – فرحاً – عند رؤيتهم يلجون القصر الرئاسي على متن حافلة لأداء القسم..
وقارنا بينهم وبين من سبقوهم..
وقلنا إن هذا هو ما نريده – بالضبط – ممن يتسنمون السلطة في بلادنا من بعد الشبقين..
ونقصد بالشبقين قادة الإنقاذ طبعاً..
وهم – للعلم – كانوا قد استهلوا تمكينهم بإظهار للزهد أيضاً…وقالوا إنهم الصحابة الجدد..
وما زلنا نذكر حديث بعضهم عن عدم مغادرتهم بيوتهم..
و(تمسكن) أحدهم – أمام الكاميرا – وهو يدمدم (بيتي المتواضع دا مش ح أخرج منه)..
وتمسكن آخرون مثله إلى أن تمكنوا..
ونسوا عبارة ثاني كبيرهم ( لو شفتونا بنينا العمارات وامتلكنا الفارهات أعرفونا فسدنا)..
وعرفناهم ؛ بعد أن رأينا العمارات…والفارهات…والحسناوات..
عرفاهم جيداً ؛ وعرفنا حقيقة زهدهم…وورعهم…واستقامتهم…وشعاراتهم…وحتى دينهم..
نعم ؛ حتى دينهم الذي لا يشبه دين الله الذي نعرفه..
ولكن تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ؛ وجاءت بعدها أمة الثورة ذات الدماء..
وهي أمة كانت تلعن التي سلفت…جراء كل الذي ذكرنا..
وحين دخل الذين انبروا لتمثيلها القصر بالأتوبيس قلنا : هذا هو الزهد يا أهل الإنقاذ فتعلموا..
سيما وإنهم انبثقوا من وسط دماء…وتضحيات…وعذابات…الناس..
ولكن ؛ لو كنا نعلم الغيب لاستكثرنا من نقيضهم ولما مسنا السوء…اقتباساً من الآية الكريمة..
فقد بدأ مسلسل الخذلان منذ فضيحة الفارهات المشبوهة..
ثم ما فتئت الفضائح تترى ؛ النثريات…الصيانات…المخصصات…السفريات… والاخفاقات..
وكل يوم نُرذل إلى أن بلغنا – الآن – حافة الانهيار..
ورغم ذلك هنالك من يعيب علينا النقد من منصة فرحة يوم الأتوبيس الذي انخدعنا به..
انخدعنا بالأتوبيس…واليوم…ومظاهر الزهد..
فإذا بهم لا يختلفون عن الأمة التي خلت إلا بوجوه تخلو من اللحى…والزبيبة…و الخمار..
بل ازدادوا سوءاً ؛ بفشل بيِّن في إدارة الدولة..
ثم بفشل – أشد سوءاً – في مجرد الإحساس بمعاناة الشعب…انفصاماً كاملاً عن الواقع..
وكنا سنصبر على الفشل إن خلا من شبق السلطة..
سنصبر صبراً جميلاً والله كنا لو فقط غالبوا شهوات النفس إزاء شهوة السلطة ومغرياتها..
ولكنا رددنا معهم تبريرهم ذاته عن دولة (الكيزان) العميقة..
ولكن ما الذي يجعلنا نمسك أقلامنا – وألسنتنا – عن النقد الآن ونحن نرى نسخة من الإنقاذ؟..
نسخة أسوأ…وأفشل…وأعمق انفصاماً عن الشعب..
والآن – ونحن بين يدي تعديل حكومي جديد – لن يجرؤ أحدهم على أن يقول مفاخراً:
إحنا بتوع الأتوبيس !!.
صلاح الدين عووضه
الصيحة

Exit mobile version