أنه لمن دواعي السخط و الحنق في هذا البلد المنكوب أن تجد نفسك ترزح بين الفينة و الأخرى من صف إلى آخر لتقضي إحتياجاتك اليومية ، والتي من المفترض أن تحصل عليها دون كبير عناء في هذا البلد المريض سياسياً .
يوم أمس كانت تجربة صف النسوان بطلمبة شارع جبرة الأسوأ على الإطلاق ، حيث وجدت الطلمبة تعمل في الفترة المسائية فأشار عليّ رجل الشرطة بالتوجه إلى صف النساء . سرت مسافة بسيطة من الطلمبة لأتفاجأ بأن صف النساء قصير ومريح أبتسمت حتى بانت نواجذي ، ثم أتخذت موقعي في الصف وأنا أضحك بفرح طفولي.
لم تمر لحظات على سعادتي تلك حتى جاءتني إحداهن وقالت لي : (أنتي ما مفروض تكوني وراي)..!! ، الله أكبر (مشروع شكلة جاهز) …!!
أفهم أن تقول لك إحداهن ما مفروض تكوني قدامي..لكن ما مفروض تكوني وراي دي جديدة …!!.قلت لها لم أجد سيارات على طول الطريق خلفك ، قالت لا (السايقة الكليك عربيتها باظت و السايقة الأتوس جرت ليها بطارية و السايقة الألنترا و التوسان كانوا ورانا و…..و… ) .
وعلى مايبدو أن طبيعة الشعب السوداني في التكافل و طبيعة البعض في حشر أنفه فيما لا يخصه و كثرة الصفوف جعلت البعض يدافع عن مقدمته و مؤخرته و مقدمة غيره (تبرع شديييد ).
وفجأة أنشقت الأرض عن أربعة نساء و تراوحت اللغة مابين (غزة كوع و شرح كوركي لموقع العربات ولا بأس من بعض الكلمات الإنجليزية مع رفع للحواجب بإنتظام ) .
استطردت إحداهن أنتي ماشايفة في space هنا ، الوقوف هنا بالأولوية..priority…. كده خربتي النظام you messed up the system…..؟؟، لا أخفي عليكم أحتجت أن اسحب نفساً عميقاً لاستطيع تجاوز تلك اللغة الحادة ، ثم قلت لابأس الأربعة ستدخلوا مكاني هل من حديث جديد .
قديماً قيل أشغل الشعوب بالرقص و الطرب و المخدرات لتتقاعس عن التنمية ولتنشغل عن السياسة و التفكير .
الشعب الآن كله كله بأستثناء أصحاب الظهور المدعومة شغله الشاغل توفير وقود في سيارته مع الإقتصاد في المشاوير ، أو شراء خبز يكفي وجبتين ، وملأ أنبوبة غاز والتطبيع معها بألا تنفد أثناء الطبخ ، أو فرح طفولي بعدم إنقطاع التيار الكهربائي .
خارج السور :
حكومة فاشلة .. و معارضة بائسة.. وحركات مسلحة متاجرة ..وإرادة وطنية مسلوبة.. و ذئاب خارجية تنهش في الوطن و تعيد تقسيمه .. و شعب مشغول بالصفوف ….صف النسوان .
سهير عبد الرحيم – صحيفة الانتباهة